للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تدمير الأمة الإسلامية والقضاء عليها]

الهدف الثاني وما أكثر الأهداف التي يسعون إليها! - هو: تدمير هذه الأمة، والقضاء على وجودها إعلان الحرب عليها وإبادتها بطريقة لا تثير الانتباه كما كان في الماضي.

وهنا لابد أن نستطرد قليلاً لننظر إلى حال المجتمعات الغربية، وما تعرضت له من احتمال الانقراض، بل من حتمية الانقراض والانحطاط بسبب خروج المرأة، وعمل المرأة، ودفع المرأة إلى خارج البيت.

لقد اجتمعت كثير من الدول اجتمع مفكروها، وأعضاء برلماناتها، وأدباؤها، وأجمعوا على أن خروج المرأة من البيت هو مما يعجل بتقويض الأمة، وهدمها وتدميرها بشرياً.

ولا يخفى عليكم جميعاً -أيها الإخوة- أن الطاقة البشرية هي أقوى قوة لدى أي أمة من الأمم، ففي روسيا -الدولة الشيوعية المعروفة- تعطى المرأة التي تنجب عشرة أطفال وساماً تحمله على صدرها تباهي به في كل مكان، وسام البطولة القومية! لهذه البطلة القومية التي أنجبت للمجتمع عشرةً من العمال! وفي بريطانيا وفرنسا وغيرها خطط متواصلة للإكثار من النسل؛ لأنه قد تبين أن عدد الوفيات أكثر من عدد المواليد، وهذا يهدد بانقراض الأمة وتناقص عددها، وأن يصبح العالم الغربي أقليةً لا قيمة لها في العالم.

وإيطاليا -وهي من أكبر الدول الأوروبية- تعطي إعانات لكل مولود يولد، وتشجع الزواج، وتشجع على الإكثار من النسل نتيجة لذلك.

لا نريد الاستطراد في هذا، ولكن نشير إلى أن العالم الغربي قد فطن إلى أن من أسباب وموجبات تدهور حضارته وانحطاطها: أن المرأة تعمل؛ وبالتالي لا تتزوج ولا تنجب؛ مما يؤدي إلى انقراض الأمة حتماً بالأرقام الرياضية الحسابية، من دون أي رجوع إلى كتاب ولا سنة ولا منهج رباني على الإطلاق.

أذكر لكم مثالاً على ضوء ما قرأت مما حفظوا وقدروا: نقول: نفترض أن البنت الجامعية تتخرج وهي في الثانية والعشرين من عمرها في الغالب -في المتوسط- ولنفترض أن فتاتين تخرجتا هذه السنة وعمر كل منهما اثنتان وعشرون سنة، إحداهما تزوجت، والأخرى توظفت وعملت ولم تتزوج، ماذا سيكون الحال بعد عشرين سنة؟ كما تعلمون ومعروف من واقع مجتمعنا أن التي توظفت وعملت سوف تصبح هرمة عجوز أو قريبة من الهرم، فالمرأة تهرم وهي في مملكة البيت فكيف لا تهرم وهي في العمل في هذا السن؟! والفتاة الأخرى التي تزوجت بعد عشرين سنة - في المتوسط للمواليد المعروف عندنا- يكون لديها شاب عمره ثمانية عشر عاماً، ويليه شاب أو شابة في الخامسة عشرة، وشاب أو شابة في الثانية عشرة، وشاب أو شابة في العاشرة أو التاسعة، وشاب أو شابة في الثامنة، إلى السادسة، إلى الثالثة، إلى الثانية.

إذاً تجدون أن الأمهات -ومجتمعنا معروف لديكم- كثير منهن في حدود الثانية والأربعين، أو ما أشبه ذلك، ولديها أسرة متكاملة ولله الحمد: الابن الكبير في الجامعة أو على مشارف الجامعة، والصغار من المتوسط إلى الابتدائي إلى الحضانة إلى البيت.

إذاً: هذا وجود للأمة، بعد عشرين سنة تكون هذه الفتاة إذا وفقها الله تعالى وتزوجت بشاب يكون من هذا الشاب وهذه الفتاة أسرة مؤمنة، ويكون لدينا رجل وامرأة في الثانية والأربعين على قدر من الحكمة والعقل، ولديهم أسرة متكاملة، فعلاً يخدمون البلد، يستطيعون أن يسهموا في التنمية، ويقومون بدور لا يمكن أن يقوم به الإنسان الأجنبي المستقدم من الخارج في أي حال من الأحوال.

فيكون بقاء الأمة ونماء الأمة نتيجة لهذا الزواج، ولهذه البنت التي كان هذا شأنها، بخلاف الأخرى العجوز التي حرمت من الزواج، ومن حنان الأمومة وعطف الأمومة، وهي عجوز هرمة لا تملك شيئاً، ولم تقدم لأمتها شيئاً، إلا أنها في العشرين عاماً الماضية قد عملت أعمالاً تتقطعها الإجازات المرضية، إجازات وإرهاق وإجهاد، وأعطاب وأمراض نفسية كثيرة لابد أن تتعرض لها ما لم تتزوج.

نقول: إن الأمة التي يوجد فيها الآن عشرة آلاف فتاة ثم يتزوجن فإنها بعد عشرين سنة يكون لديها عشرة آلاف أم عاقلة، وعشرة آلاف شاب في الثامنة عشرة، وعشرة آلاف شاب في الخامسة عشرة إلى الثانية عشرة، إلى الثانية، ولكن الأمة التي تدفع المرأة للعمل خارج البيت فلا تتزوج، يكون لديها بعد عشرين سنة عشرة آلاف عجوز هرمة منهكة مجهدة، وتضطر حينئذ إلى أن تستقدم المربيات، أن تستقدم الذين يسهمون في بناء التنمية، الذين يعملون في أي مجال من المجالات سواء كانوا رجالاً أو نساءً.

هذه العملية -أيها الإخوان- الحسابية الرياضية قالها وكتبها أولئك الناس الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ونحن إن لم نرجع إلى كتاب ربنا وإلى سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا هو أمر الله، ولأن هذا هو أمر رسوله، فلا خير فينا إن لم نرجع؛ لأن الأعداء قد رجعوا بعد أن جربوا ودرسوا وخططوا.

ومع ذلك فهل يرجع المغفلون؟! هل يرجعون لأن الأسياد قد رجعوا؛ ولأن خططهم؛ وأبحاثهم قد أثبتت هذا؟!! لا ندري، نرجو الله سبحانه وتعالى لنا ولهم الهداية والرجوع إلى الطريق المستقيم.