للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية الدعوة]

إن نسبة معينة فقط من الشباب هي التي تشارك وتفيد وتستفيد، أما البقية فإنها لا تفعل ذلك، مع أنه لا بد لطالب العلم -الذي يتعلم ليدعو إلى الله- من أن يكون له برنامج للدعوة خاصة في هذا الزمن.

هذه جامعة أم القرى، وهذا هو الطالب الذي لو سألته: أتطلب العلم لوجه الله؟ هل تطلب العلم لتدعو إلى الله؟ فسوف يجيب: نعم! ولا شك، وأنا أقول بصراحة: لو سألنا هذا السؤال في أحد الاختبارات فمن سيجيب بلا؟ لا أحد، وفي الواقع الذي يطبق قلة: فكأننا نكذب على الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ماذا عملنا في هذا البلد الحرام؟ وكيف هو حال ما حول مكة؟ أتعلمون أنه يعرض كثيراً، ومما عرض أخيراً على سماحة والدنا الكريم، وشيخنا الفاضل: الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله وأطال عمره، ونفعنا بعلمه، عرض عليه تقريرات، أو تقارير عن مناطق تبعد عن مكة ما بين (٣٠ - ٤٠) كيلومتر فقط؛ وبعضهم يأتي إلى مكة، وهم لا يحسنون قراءة الفاتحة، ولا يعرفون الأصول الثلاثة: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ حتى أن فضيلة الشيخ عبد الله الفنتوخ مدير عام الدعوة هو بنفسه قال: أنا سألت واحداً منهم: من ربك؟ فقال: محمد! وهذا في الأماكن القريبة، فأقول: لابد أن نجلس وحدنا، لنكون صادقين وصرحاء مع أنفسنا، ولا نكذب، قد نخدع أي أحد -ونعوذ بالله أن يكون فينا أحد مخادع- لكن لا يخادع الإنسان نفسه، ولا ينبغي أن يخدع نفسه، لأن هذا مصيرك، وهذه مسئوليتك بين يدي الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أين دعوتك؟ وأين تبليغك لدين الله؟ وما العذر في ذلك؟ يذهب الشاب منا إلى أهله، أو إلى بلده، أو قبيلته في العطل، في مدة تطول أو تقصر كم منا الذين يدعون إلى الله ويصبرون، ويبلغون قومهم إذا رجعوا إليهم؟ أليس هذا هو واجبنا جميعاً؟ وإلا فلم التحصيل؟ ولم الاستكثار من حجة الله علينا؟! لما سئل أحد السلف عن طلب الزيادة في العلم، فقال: هل عملت بما قد علمت؟ قال: لا.

قال: فلم تستكثر إذن من حجة الله عليك؟! وأقول: لم نكمل الجامعة إلا وكلٌ منا يريد أن يواصل الدراسة، لنستكثر من الحجة، ماجستير ثم دكتوراة، وماذا بعد ذلك؟ قد يموت الإنسان ولم يكمل شيئاً من هذه المراحل، وأكثر من يموت هم الشباب، قال بعض السلف الصالح: ' أكثر من يموت الشباب، ومن أراد أن يعرف صدق ذلك فلينظر إلى قلة الشيوخ '، فكم عجوزاً ترى في هذا البلد؟ وكم ترى إنساناً مسناً محدودب الظهر؟ إنهم قليل جداً؛ لأن الناس يموتون، وهم ما يزالون أقوياء، وفي سن الشباب، وما حوله، إذن فماذا ننتظر؟! سبحان الله العظيم!