للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التحاكم إلى القوانين الوضعية]

موضوع هذا الدرس هو في الحكم بغير ما أنزل الله، وفي ذلك رسالة قيمة صغيرة الحجم، كبيرة الفائدة، عظيمة النفع؛ للعالم المجتهد الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله، وسوف نشرحها شرحاً موجزاً إن شاء الله تعالى.

يقول رحمه الله: 'إن من الكفر الأكبر المستبين، تنزيل القانون اللعين منزلة ما نزل به الروح الأمين، على قلب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ ليكون من المنذرين، بلسان عربي مبين'.

فهذه أول عبارة بدأها الشيخ لعلمه بالاختلاف الواقع في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله.

وهل هو مخرج من الملة أو غير مخرج! فبدأ بتأصيل الأصل، وهذا من كمال الفقه والحكمة في الدعوة، وهو أن الداعية إذا أراد أن يتكلم في أمر وفي هذا الأمر تفصيل، ومنه -مثلاً- جائز وواجب، وأصل واستثناء، وبعضه مجمل وبعضه مبين، فالحكمة أن يبدأ بتقرير الأصل العام وبتقرير القاعدة الكلية، ثم بعد ذلك يبين ما يستثنى من ذلك، أو ما لا يدخل ضمن هذه القاعدة.

فيقول رحمه الله: ' إن من الكفر الأكبر المستبين، تنزيل القانون اللعين، منزلة ما نزل به الروح الأمين، على قلب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ ليكون من المنذرين، بلسان عربي مبين، في الحكم به بين العالمين'.

وهذه حقيقة بدهية! لا يجوز أن يماري فيها أي مسلم، وانطلاقاً منها تأتي التفريعات، فكيف يجعل القانون الذي يضعه البشر بأهوائهم وشهواتهم، ويفترون على الله به الكذب، بمنزلة ما نزل به الروح الأمين -جبريل عليه السلام- على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! لا يرضى بذلك مؤمنٌ أبداً.

يقول: ' في الحكم به بين العالمين، والرد إليه عند تنازع المتنازعين؛ مناقضةً ومعاندةً لقول الله عز وجل: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء:٥٩] '.