للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المستقبل من الناحية السياسية والاقتصادية]

المستقبل من الناحية السياسية والاقتصادية، ماذا تتوقعون أن يكون المستقبل إذا أصبحت أوروبا دولة واحدة، وأصبح الشرق والغرب تكتلاً واحداً وقوةً واحدة، وبعد سنتين سيتم ذلك تقريباً -كما أشرنا- وسوف يواجه العالم الإسلامي انتكاسةً اقتصاديةً كبرى.

الآن لا يخفى عليكم، أن بعض دول العالم الإسلامي قبل عشر سنوات أو خمسة عشر سنة كان الريال السعودي يعادل وحدة من وحدات عملات بعض الدول، وفي هذه الأيام تشتري بالريال ما يعادل أربعمائة وحدة، دول كثيرة ما نستطيع أن نذكرها، دول كثيرة الآن بالريال تشتري أربعمائة وحدة من عملات هذه الدول، ماذا سيكون المستقبل؟! هذه نتيجة تعويم الدولار، ونتيجة الخطة الاقتصادية الأمريكية الخبيثة، ولكن ماذا تتوقعون في المستقبل؟! مشاكل كثيرة جداً: أولاً: أن رءوس الأموال الغربية سوف تتدفق إلى أوروبا الشرقية ومن ذلك ألمانيا؛ سوف تكون محط الأنظار، لماذا؟ لأن الثروات والمواد الخام ومنها البترول موجودة فيها بشكل كبير، وأيضاً الضعف والنقص الشديد للتكنولوجيا موجود، حيث إن اليد العاملة رخيصة جداً، جاءوا بصورهم وألمانيا الغربية تعطي الألمان الشرقيين، كل واحد تعطيه مبلغ معين من الماركات وينهال على المأكولات والأكشاك العادية في شوارع برلين، ينهالون بشكل عجيب؛ فيأكلون من هذه الحلوى، وهذه الأشياء، لأن هذه الأشياء ما رأوها في حياتهم، مع أن ألمانيا الشرقية من أكثر دول أوروبا الشرقية تقدماً، لهذا سيجدون فيها العمالة الرخيصة جداً، والمواد الخام، والتقنية المتخلفة.

إذاًَ سوف تتحول الاستثمارات إلى أوروبا الشرقية.

وفي اجتماع عقد منذ شهر تقريباً في الولايات المتحدة الأمريكية، في الغرفة التجارية العربية الأمريكية عقد هذا الاجتماع، وتحدث رئيس الغرفة وهو رجل أمريكي، وقال: إن مستقبل العالم الإسلامي -أي مستقبل العالم العربي هو يقول بتعبيره- الاقتصادي سيكون سيئاً للغاية في الفترة القريبة جداً هذه، وذلك لأن رءوس الأموال الأمريكية سوف تنساق إلى أوروبا الشرقية، وذكر على سبيل المثال إحدى دول الخليج المهمة كثيرة التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية، كيف أنه في السنة الماضية انخفض حجم التبادل بينها وبين أمريكا إلى (٥٠%) ومن المتوقع في المستقبل أن يزداد ذلك، وأن يكون هذا التناقص عاماً للمنطقة كلها.

وهذا الاجتماع جاء عقب اجتماع الرئيس بوش برجال الأعمال الأمريكيين، وأوصاهم ووجههم، قائلاً: يجب أن تتجه اهتماماتكم إلى أوروبا الشرقية وأن تنسوا ما عدا ذلك، فهنا ستكون كارثة اقتصادية للعالم الإسلامي، لأن الدول الفقيرة المدينة ستزداد ديوناً وفقراً مبقعاً وتتراكم ديونها الربوية للغرب بشكل مذهل، والدول الغنية سوف تفتقر وتصبح دولاً مدينة.

هذا الذي يبدو الآن كما ذكر بأرقام ذكرها رئيس الغرفة التجارية العربية الأمريكية.

وهذا من الأمثلة عليه، أذكر مثالاً واحداً فقط: بعض دول الخليج -والحمد لله- أنتجت من المواد البتروكيماوية منتجات عالية الجودة والامتياز، وعلى المواصفات العالمية، ثم ذهبت في البواخر وجالت شواطئ الدول الأوروبية فلم تستقبلها أي دولة، ولم يستقبلها أي ميناء رغم مواصفاتها العالية، بل وضع في وجهها الضرائب الجمركية الباهضة والحواجز التي جعلتها تعود أدراجها وتبيع حمولتها في بعض الدول الآسيوية الشاطئية، فهذا أحد الأمثلة وكلكم تعرفونه.

وقيسوا على ذلك في المستقبل، إذا اتحدت أوروبا أكثر جمركياً وإدارياً واقتصادياً فسوف تواجهنا، حتى لو تفوقنا عليهم، وحتى لو أنتجنا أفضل الصنع لن يشتروا منا؛ لأنها صليبية حاقدة واضحة، ومع ذلك فإننا بالعكس أكثر ما ينتجه العالم الإسلامي ما هو إلا مواد خام يستهلكها العالم الغربي في صناعته، هذا أكثر شيء عند العالم الإسلامي.