للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اتباعهم لإرادة الشيطان]

قال: 'ثم تأمل قوله تعالى: {وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ} [النساء:٦٠] كيف دل على أن ذلك ضلال؟! '.

وهذا حال من يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت.

فيقول الشيخ: 'وهؤلاء القانونيون يرونه من الهدى'.

أي: التحاكم إلى الطاغوت، ويقولون: هذا شيء حسن، وهذا رُقي وتطور، بل ربما يفتخرون بقولهم: في عام كذا وضعنا نظاماً وقانوناً للبنوك الاقتصادية، وفي عام كذا وضع القانون المدني، ويرون أن هذا اهتداءً، وأن الأمة قبله كانت في حالة تخلف وفي ضلال، عكس ما قاله الله تبارك وتعالى تماماً!! كما دلت الآية.

يقول الشيخ: 'كما دلت الآية على أنه من إرادة الشيطان'.

فالتحاكم إلى الطواغيت أو القوانين هذا من إرادة الشيطان، فهو يريد أن يُضلهم فيتحاكمون إليها.

يقول الشيخ: 'عكس ما يتصور القانونيون من بُعْدهم من الشيطان، وأنه فيه مصلحة الإنسان، فتكون على زعمهم مرادات الشيطان هي صلاح الإنسان، ومراد الرحمن وما بعث به سيد ولد عدنان، معزولاً من هذا الوصف ومنحىً عن هذا الشأن'.

فهم قلبوها، فجعلوا الحكمة والرحمة والمصلحة في مرادات الشيطان، وأمَّا ما أنزله الرحمن، وما أراد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهذا فيه-كما يزعمون - التأخر والانحطاط، أو عدم الصلاحية.

قال: 'وقد قال تعالى منكراً على هذا الضرب من الناس، ومقرراً ابتغاءهم أحكام الجاهلية، وموضحاً أنه لا حكم أحسن من حكمه: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة:٥٠] فتأمل هذه الآية الكريمة، وكيف دلت على أن قسمة الحكم ثنائية '.

فالحكم حكمان لا ثالث لهما، وأي حكم في الدنيا لا يخرج عن هذين الحكمين.

يقول: ' وأنه ليس بعد حكم الله تعالى إلا حكم الجاهلية، الموضح أن القانونيين في زمرة أهل الجاهلية شاءوا أم أبوا، بل هم أسوأ منهم حالاً وأكذب منهم مقالاً، ذلك أن أهل الجاهلية لا تناقض لديهم حول هذا الصدد '.

والجاهلية المطلقة هي الجاهلية، وإن كانت الجاهلية قد انتهت ببعثة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلا أن هناك جاهلية حديثة لكنها مقيدة ببلد أو بجماعة أو بفرد أو بحكم ما كالجاهلية الغربية بأحكامها، ومن يريد التحاكم إلى الطاغوت من أبناء هذه الأمة.

يقول الشيخ: ' ذلك أن أهل الجاهلية لا تناقض لديهم حول هذا الصدد ' لأنهم لا يؤمنون بالله ولا برسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يدّعون ذلك، ولا يزعمون أنهم يؤمنون بالقرآن؛ فلذلك تحاكموا إلى خلاف ما جاء في القرآن والسنة فهم ليسوا متناقضين؛ لكن المتناقض هو من يزعم الإيمان ويدعيه ثم يتحاكم إلى أحكام هؤلاء الجاهليين.