للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اكتشاف النظريات الجديدة]

بعد ذلك ظهرت في القرن التاسع عشر، نظريات أكثر زادت البُعد والشقة بين ما كان يؤمن به الإنسان من نظرته إلى هذا الوجود، وبين ما جاءت به هذه النظريات.

ومن جملة هذه النظريات نظرية التطور العضوي -نظرية دارون - فقالوا: إن الأحياء كلها تتسلسل، تبدأ من الكائن ذو الخلية الواحدة إلى أن تصل في النهاية إلى الإنسان، تسلسلاً تدريجياً طبيعيا.

أي: أنه وجد هكذا بدون إرادة وراءه ولا هدف أو غاية، فأصبح كل ما تقوله الكنيسة ورجال الدين لا قيمة له إزاء هذه النظرية العلمية كما يزعمون! إذاً لم يعد في حس الإنسان الأوروبي شيءٌ اسمه خطيئة أو صلب أو مسيح؛ إلا وهو من جملة الخرافات -وبالأخص عند المثقفين- إذاً فالإنسان تطور -كما يزعمون- وهذه هي النظرية الصحيحة.

وما دام أن الأمر كذلك فليس هناك آدم ولا خطيئة، ولا يحتاج الأمر إلى تكفير أو أي شيء.

فتغيرت نظرة الإنسان الأوروبي إلى الوجود تغيراً كلياً، فكفر بكل الأديان.

والمصيبة أن الإنسان الأوروبي الذي آمن بهذه النظرية وأمثالها؛ هو الإنسان الذي يقود العالم في تلك الفترة، فقد كان الإنسان الأوروبي من الإنجليز والفرنسيين والألمان وغيرهم يستعمرون معظم الدنيا؛ فكأن هذا هو خلاصة رأي البشرية والإنسانية.

ومن ثم نقلوه إلى معظم الدول التي احتلوها ومنها العالم الإسلامي، وأصبحوا ينادون في كل مكان بأن الإنسان ليس له غاية، وليس لوجوده حكمة، كما يقول زعيم الإلحاد في هذا العصر وهو ألدوس هكسلي صاحب النظرية الداروينية الجديدة، يقول: إن هذا التطور هو الذي جعل الإنسان سيد المخلوقات، فجاء الأمر صدفة واعتباطاً، ولو أنه حل محل الإنسان الضفدع أو الفأر، لأمكن أن يكون هو سيد المخلوقات؛ فالأمر عندهم سواء، فأفقدوا الوجود كل حكمة وكل معنى.