للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مشاهدات واضحة]

إن الدراسات التي يقوم بها العلماء الأوروبيون عن أي دين من الأديان كثيرة: فهم يذهبون إلى علماء الهند -علماء البرهمية - يزورونهم ويجالسونهم ويسألونهم عن الدين، وكيف ينظرون إلى الأمور؛ فيكتبون عنهم المصادر الموثقة، ويكتبون عن بوذا وغيره بأنهم رجال مصلحون عظماء فقد فعلوا وفعلوا.

لكن إذا أرادوا أن يكتبوا عن دين الإسلام: هل رأيتم مستشرقاً جاء إلى علماء المسلمين وأخذ يسألهم عن الإسلام؟ وهل يأخذ الحق من مصادره الصحيحة؟ وهل يستدل بتفسيرٍ صحيحٍ للقرآن ويستشهد به؟ لا.

بل تجده يخبط خبطاً عجيباً جداً ويفتري أشياء لا وجود لها في القرآن، أو في السنة، أو حتى عند المسلمين.

فمثلاً أصحاب دائرة المعارف الإسلامية، وهؤلاء هم أرقى طبقة من المستشرقين؛ فالغربُ كله يقدرهم ويجل أعمالهم العلمية، ولكن مع ذلك فلهم افتراءات عجيبة، وسأضرب أمثلة بسيطة جداً على ذلك: فمثلاً يقولون في قصة إبليس: في القرآن أن إبليس يبيض ثلاث بيضات، ومن كل بيضة يطلع نوع من أنواع الشياطين.

ففي أي سورة وفي أي آية نجد هذا؟! ومع ذلك فهم علميون محترمون لا يتكلمون إلا من منطلق العلم والبحث العلمي -كما يزعمون- فلماذا إذا تكلموا عن الإسلام فإنهم يختلقون ما شاءوا من الأكاذيب، وإذا تكلموا عن غيره فبالاتزان والهدوء والمراجعة؟ لماذا لا يذكرون صحيح البخاري ولا يستشهدون به؟ وإنما يستشهدون بكتب ككتاب الأغاني، وألف ليلة وليلة أو بالكتب السخيفة التافهة التي لا قيمة لها علمياً؟! إنما ذلك لأن الحقد في قلوبهم.

فهذا من الناحية العلمية.

ومن الناحية الواقعية؛ فإنه إذا حدث حدثٌ في الهند أو الصين أو في أي بلد من بلدان العالم فإننا نلاحظ كيف تتعامل معه النفسية الغربية؟! إنهم ينظرون إليه نظرة مجردة، فيأخذون الأخبار من مصادرها، ويجرون المقابلات مع زعماء الطوائف الانفصالية أو الثوار أو غير ذلك، حتى لا يقولون عنهم إلا القول الذي أخذوه عنهم، أو يقولون: تنسب الحكومة إليهم كذا، حتى لا يكونوا مفترين.

فإذا كان الأمر في بلاد المسلمين لفقوا التهم كما يشاءون عن المسلمين، ولا يسألون أبداً، ولا يستفسرون مِن صاحب الشأن من المسلمين: ما رأيك في كذا؟ ولماذا قلت كذا؟ ولهذا فإن كثيراً من القضايا الإسلامية لا نعرف حقيقتها إلا إذا جاءت مجلة أو صحيفة إسلامية، وقد تكون متأخرة جداً، فتعرف أن حقيقة الموضوع كذا وكذا؛ بينما سمعنا في الإذاعات والصحف الغربية أن الأمر يختلف تماماً! والأمثلة في هذا كثيرة.

المهم أن هؤلاء الذين لا يدرون لماذا جاءوا؟ ولماذا خلقوا؟ ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر؛ لا يمكن أن يريدوا لنا الخير؛ وبذلك لا يمكن أن يعيشوا في أنفسهم عيشة إنسانية.

وكما قلنا: إن الحيوان هو الذي يعيش عمره لحظة بلحظة، ولا يفكر فيما مضى ولا فيما هو آتٍ، وإن أكثر هؤلاء الناس لو سألناهم؛ لوجدنا أنهم يعيشون كالحيوان، يفكر في ذلك اليوم وكيف يسهر، وكيف يلعب، وكيف يترفه (في حدود ذلك اليوم) ولا يدري لماذا أتى؟ وإلى أين أذهب؟ فيجب أن نعلم أنها تربية عامة وليست تربية غربية.

ولذلك فإن البيان الشيوعي الذي قامت عليه الشيوعية والعالم الشرقي ينص على أن مطالب الإنسان الرئيسية هي الغذاء والمسكن والجنس -أي: المطالب الحيوانية فقط- وكذلك العالم الغربي، ففي أي مجال ننظر وندرس سواء كان ذلك في مجال العلاقات العامة، أو مجال الدراسات الاجتماعية، أو مجال البحوث الاقتصادية، فإننا نراهم يقولون: الغاية التي تسعى إليها المجتمعات والدول والأفراد هي الرفاهية الاقتصادية، والسعي إلى تحقيق أكبر ربح مادي وأكبر نسبة من التنمية ومن التقدم والاقتصاد، فهذه غاية الشرق والغرب، إنها مطالبٌ حيوانية، ونظرة حيوانيةوليس للإيمان بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فيها أي أثر.