للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفتوحات التي بشر بها النبي صلى الله عليه وسلم]

ورد في صحيح مسلم من حديث جابر بن سمرة، ونافع بن عتبة رضي الله عنهما في آخره يقول جابر رضي الله عنه: سمعت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: {تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله عز وجل، ثم تغزون فارس فيفتحها الله عز وجل، ثم تغزون الروم فيفتحها الله، ثم تغزون الدجال فيفتحه الله} فقال نافع: يا جابر أرى أن الدجال لا يخرج إلا بعد فتح الروم.

فالدجال لا يخرج إلا بعد فتح الروم، وهذه الجملة تصدقها أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما، من أن المسلمين يفتحون القسطنطينية وهي عاصمة الروم في القديم، وهي أكبر مدينة في الامبراطورية الرومية الشرقية كما كانت تسمى.

وقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في صحيح مسلم: {أن المسلمين يفتحونها -ولعله في إحدى المرات- بالتكبير، فيأتون إلى المدينة نصفها في البر ونصفها في البحر، فيقولون: لا إله إلا الله، فيسقط النصف الأول الذي في البحر، ثم يقولون: لا إله إلا الله، فيسقط النصف الآخر الذي في البر}.

وهناك أحاديث كثيرة تدل على أن هذه الأمة منصورة وغالبة، ومظفرة، وأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سوف يفتح لها الأرض، وأنه مهما اعتراها من خلل، ومهما دخلها من عوج، ومهما كان فيها من دخن، فإن العاقبة للطائفة المؤمنة المنصورة، وهذه الطائفة موجودة فيها، وستظل ظاهرة وغالبة على الحق، حتى يُظهِر الله عيسى بن مريم عليه السلام في آخر الزمان حكماً عدلاً، فيكسر الصليب، ويضع الجزية، ويقتل الخنزير، وتترك القلائص -وهي الإبل الثمينة- لأن الناس ينصرفون عن الدنيا إلى الجهاد، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {ويدعو إلى المال -أي عيسى عليه السلام- حتى لا يجد من يأخذه} وفي هذه الأثناء تكون الطائفة المؤمنة والعصبة المنصورة، في بلاد الشام.

فيأتي عيسى عليه السلام إليها، فيقدِّمه الإمام فيأبى إلا أن يصلي وراءه، وفي ذلك يقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وإمامكم منكم تكرمةً من الله تعالى لهذه الأمة} فيصلي عيسى عليه السلام، خلف إمام من هذه الأمة ومع هذه العصبة المؤمنة، ويصبح عليه السلام -وهو من أولي العزم من الرسل، وهو الذي تعبده النصارى وتشرك به من دون الله عز وجل- معدوداً ضمن الطائفة المنصورة التي هي من هذه الأمة تكرمةً من الله تعالى لهذه الأمة، لأنه يحكم بشريعتها، ويكون كواحد منها، ويصلي خلف إمامها.

فالأحاديث كثيرة، والعبر كثيرة، فما من زحف ابتلى الله تبارك وتعالى به هذه الأمة إلا وَرُدَّ على أعقابه خاسراً حسيراً مقهوراً بإذن الله عز وجل.