للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الطائفة المنصورة]

السؤال

عرف فرقة الطائفة المنصورة، هل هي في بلد معين، أو جماعة معينة، أم من جميع بلاد المسلمين وكيف تجتمع إن كانت من بلاد متفرقة؟

الجواب

الطائفة المنصورة عرفها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في حديث الافتراق، وهو حديث متواتر لكثرة طرقه، ويشد بعضها بعضاً، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة} فلما سئل عنها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -قال في رواية-: {الجماعة} وقال في رواية: {من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي} فهذه علامتها.

وأيضاً جاء في وصفها في نفس الأحاديث الصحيحة التي أخبر فيها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بوجودها كما في حديث جابر بن سمرة ومعاوية وأبي هريرة وغيرهم رضي الله عنهم، في نفس الأحاديث قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يقاتلون على أمر الله}، وقال: {قائمين على أمر الله}، إذاً فحقيقتها أنها على ما كان عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهي قائمة ومستقيمة ومتمسكة بهذا المنهج.

أما من هم؟ فقد قال الإمام أحمد: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم -أي: من كان متمسكاً بالسنة، عندما تفرقت الأمة إلى خوارج وروافض ومعتزلة وباطنية وبقي أهل السنة أو أهل الأثر أو أهل الحديث الذين هم أهل السنة والجماعة، ولا يقصد بذلك مجرد من يشتغل بعلم الحديث؛ بل من يتبع منهج الحديث؛ لأن القرآن كلٌّ يدعيه ولكن الحديث يميز بين أهل السنة وبين أهل البدعة وأهل الفرق الضالة الأخرى.

إذاً هذه هي صفتهم، أما مكانهم فليس لهم مكان معين، ولكن كما ذكر شَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله أن الأحاديث تدل على أنه في آخر الزمان يكون اجتماعهم في الشام، وقد ورد في الحديث الصحيح: {إن الإيمان ليأرز إلى المدينة أو ما بين المسجدين كما تأرز الحية إلى جحرها} أي: كما تعود الحية إلى جحرها، فهذه إشارة في أن هذه البلاد المقدسة المدينة ومكة أو ما بين المدينتين سوف تكون مأوى الإيمان -بإذن الله- إلى قيام الساعة.

ولكن الشام موطن المعارك ولا انفصال بين الأمرين؛ لأن الأمة واحدة، والبلد واحد، وهذه الدويلات عارضة، فالأصل أن المسلمين جبهة وأمة واحدة، فـ الشام هو موضع الملاحم، وأما مأوى الإيمان وبقاؤه ومجمعه، فإنه يكون في هذه البلاد -بإذن الله- ويكون -أيضاً- في وسط الجزيرة في مساكن بني تميم الذين أخبر عنهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الصحيح فقال: {هم أشد أمتي على الدجال}.

فإذا ضممنا الأحاديث بعضها إلى بعض، نجد أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر أن الساعة تقوم والروم أكثر الناس، وكون الملاحم مع الروم، وخروج الدجال بعد الملاحم، فتكون الأمة أحوج ما تكون إلى أن تقاتلهم، وتكون المعركة في بلاد الشام -في الأعماق أو دابق، وكذلك يكون اليهود هنالك ويقاتلهم المسلمون.

إذاً: فالجبهة الداخلية القوية والفئة التي تنحاز إليها الجيوش ستكون -إن شاء الله تبارك وتعالى- بين المدينتين.