للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مثال توضيحي]

قال: ' وذلك -وهذا تعريفه- أن تَحمِلَه شهوتهُ وهواه على الحكم في القضية بغير ما أنزل الله، مع اعتقاده أنَّ حكمَ الله ورسوله هو الحقُ، واعترافه على نفسه بالخطأ ومجانبة الهدى '.

فإذا أردنا توضيح المسألة أكثر، فنقول وبالتعبير السائد الآن أو بشكل أكثر بساطة ووضوحاً: إن القاضي سواء كان قاضياً في محكمة أو مجرد قاضٍ يقضي -وكل من قضى في مسألة فهو قاضٍ- إما أن يكون شرعه ودينه وقانونه ونظامه الذي يحكم به هو ما أنزل الله -كما سيأتي في الآثار والنقاش الذي دار بين الخوارج وبين أبي مجلز رحمه الله، وإما أن يكون شرعه وقانونه ودينه شيئاً آخر، كالشرائع المنسوخة في التوراة والإنجيل، أو قوانين موضوعة مثل شرائع التتار أو شريعة نابليون، أو أي قانون من القوانين الوضعية، وهذا هو مفترق الطرق، فهذان قسمان لا صلة بينهما؛ فهذا متبع وملتزم ومنقاد ومستسلم لأمر الله ودينه وشرعه، وهذا يتحاكم ويحكم ويتبع وينقاد ويستسلم لدين غير دين الله، وشرع غير شرع الله فهو شريعته ونظامه، وهو دينه، كما ذكر الله سبحانه في سورة يوسف {مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ} [يوسف:٧٦] فمعنى في دين الملك أي: في حكمه وفي شرعه، وكل إنسان شرعه ونظامه هو دينه.

فهذا شيء وذلك شيء آخر.