للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الشيء الذي كانت تخاف منه بريطانيا]

إن أكثر ما كانت بريطانيا تخاف في المنطقة كلها هو من الإخوان الوهابيين -كما يسمونهم الإنجليز- فهذه مشكلتهم، وقد كان هؤلاء الإخوان يعيشون في الصحراء، وليس عندهم استراتيجيات، ولكن كان الإنجليز يخافون منهم خوفاً شديداً.

ومن الوثائق المنشورة حتى تعرفوا كيف يكون حالنا لو كنا مع الله! أنه كان هناك مقيم سياسي في البحرين كلف من قبل المندوب السامي في العراق أن يكتب شيئاً عن الإخوان -يريدون أن يعرفوا ماهية هؤلاء الإخوان- فكتب -والوثيقة محفوظة، وموجودة- يقول: أنا بنفسي ذهبت إلى شرق البحرين ورأيت: الإخوان أنهم كذا، وصفتهم كذا، ووجوههم صفتها كذا، وتعاملهم في السوق من أفضل التعامل، فهو يكتب عنهم ويحسبون لهم ألف حساب.

وسألوا أحدهم: كيف يمكن القضاء على الإخوان؟ فقال: إذا أرادت بريطانيا أن تقضي على الإخوان، فعليها أن تخصص خمسين ألف جندي بريطاني، ولكنهم سيموتون جميعاً تحت شمس الصحراء المحرقة.

وكان أخطر شيء وأهم شيء تخافه بريطانيا هو أن يهاجم الإخوان الحدود العراقية، فكانت بريطانيا العظمى تخاف من هؤلاء الإخوان!! وعندما وصلت جيوش الإخوان إلى بحرة، حيث أنه لم تفتح جدة، وكانوا قد دخلوا مكة ثم تقدموا إلى بحرة من أجل أن يفتحوا جدة، فجاء وزير الخارجية من العراق، ووقع معهم اتفاقية بحرة، وهي تتضمن عدم الاعتداء على الحدود العراقية، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى كان اليهود ومعهم الإنجليز الذين وجدوا في فلسطين يخشون أن يهاجم الإخوان العصابات اليهودية، لأنهم علموا قوتهم، فلو جاء هؤلاء الإخوان إلى فلسطين فإنهم سيقضون على اليهود قضاء مبرماً، وبالفعل في عام (١٩٢٨م) وصل الإخوان إلى عمَّان، وارتعب الإنجليز رعباً شديداً، وقالوا: إذا أخذ الإخوان الأردن، فسيتقدمون إلى فلسطين وسيقضون على اليهود.

وهم لم يكن لديهم أكثر من البنادق العادية، حتى أنهم في أحد المعارك أرادوا أن يتقدموا، والإنجليز كانوا يملكون طائرات تقذف ناراً، فقالوا: كيف نتقدم سيضربوننا؟ فقال لهم قادتهم: هذه الطائرات فوق الله أم الله فوقها؟ -انظروا كيف الإيمان- قالوا: الله فوقها! قالوا: إذاً توكلنا على الله.

فتأتي الطائرات، وتُصد بالبنادق العادية، وانهزم جيش الصليب الذي كان يملك الطائرات، ودخلوا إلى جدة، ثم تقدموا منها حتى أخذوا العقبة، ولم يكن عدتهم إلا الإيمان بالله تعالى والثقة به؛ فكان العالم يخاف منهم ويرهبهم، ونحن اليوم لدينا الطيران وقوة كثيرة ولكن الذنوب والمعاصي أثقلت كاهلنا.

فأين الإيمان بالله وقوة التوكل عليه؟! وإن وجد ذلك عندنا -فوالله- لخاف منا الغرب والشرق بأسره.

وهل تظنون أن الغرب والشرق عندما يجتمع ويتكالب ويأتي إلى هذه المنطقة، أن هذا من أجلنا أو من أجل سواد عيوننا؟ والله ما يريد الكفار لنا خيراً أبداً، وإن جاءت الغازات السامة فهي علينا، والموت لنا نحن المسلمين.