للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صلاح القلب وفساده]

السؤال

نحن نعلم أن القلب من الناحية التشريحية عبارة عن عضلة تتصل بها الشرايين والأوردة, وأنها تضخ الدم, فكيف تكون هذه العضلة موضعاً لأعمال مختلفة مثل الحب والكره والحسد وغيرها، وما هي إلا عضلة تضخ الدم؟ وآخر يقول: إنه مع التقدم في طب القلب ربما يغير للإنسان عضلة قلبه، فهل تتغير أحوال المرء بتغيير القلب، ما رأي فضيلتكم؟

الجواب

نحن لا نخلط بين عالم الغيب وعالم الشهادة، فحتى نحن عندما يقال هذا فلان، فإنك أخذته كعِلْمِ شهادة مجرد, الذي هو الطول والعرض والارتفاع، واللون والشعر والعصب واللحم، لكن إن أردت بفلان حقيقته الذاتية المعنوية، فأنت تتكلم عن شيء آخر غير ذلك تماماً, فلا نخلط بين الأمرين.

والمقصود شرعاً بالقلب ليس هو مجرد ما يقصد به تشريحاً أنه هذه العضلة وغيره، إنما الحديث عن الجانب المعنوي الذي هو من عالم الغيب، فنحن نجهل الروح كما قال تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء:٨٥] وهذه العضلة توجد عند الميت والحي والحيوان، وتوجد عند أتقى الأتقياء، وأفجر الفجار، ولكن ليست القيمة بهذا الشكل المادي المشاهد المحسوس، وليس هو المقصود في كلام الله ورسوله بذاته المادية المحسوسة، وإنما المقصود القلب بكيفيته المعنوية، التي لا تدخل تحت الحس ولا تحت النظر, وهكذا سائر الأعمال وما يتفرع عن القلب من ذلك، فأرجو من الأخ أن لا يخلط بين عالم الغيب وبين عالم الشهادة، وكلام الإخوة الأطباء والمشرحين وأمثالهما له موضعه كناحية عضوية بحتة، ونحن نتكلم من الناحية المعنوية البحتة.