للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفتور في الطاعة]

السؤال

إنني شاب مستقيم، وفي بداية التزامي كنت أقوم بالاعتناء بنفسي وإيماني كثيراً، ولكن مع طول الطريق، بدأت في التكاسل وانقلبت كثير من الأعمال إلى عادات، ويشكو آخرون بنفس الشكوى من أنهم بعد فترة من التزامهم شعروا بقسوة في قلوبهم, نرجو توجيه نصيحة لي وللباقين؟

الجواب

نسأل الله أن يثبتنا وإياكم، هذه سنة الله {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} [الحديد:١٦] لا شك أن طول الأمد وإن كان هو نسبي أنه يؤدي إلى ذلك، ولهذا نحتاج إلى تجديد الإيمان، كما في حديث: {إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب} أي: يبلى كالثوب إذا جئت إليه وقد بلي فإنه يتفتت في اليد، فالإيمان يبلى في القلوب فيحتاج إلى تجديد، فنحتاج جميعاً أن نجدد إيماننا.

ومن هنا كان قدوم الإنسان خمس مرات إلى المسجد وسماعه في كل مرة آيات يقرؤها الإمام في المغرب ثم في العشاء، وما يلقى من مواعظ تجعل الإنسان يتدبر فيما يتكرر عليه، ومثل ما يتكرر كل يوم: موعظة الليل والنهار، ولكن أكثر الناس قد لا يتذكرها مرة واحدة، وبعضهم يتذكرها مرة واحدة، لكن المؤمن يحتاج في كل مرة وفي كل يوم أن يتذكر ويتفكر كما قال الله تبارك وتعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:٦٢]، فينظر إلى الليل وما فيه من حِكم أو عجائب، وإلى النهار من طلوع الشمس إلى غروبها، فلم يأتِ يوم من الأيام يقول الناس فيه: لم تطلع الشمس اليوم, سبحان الله! كذلك في الليل وفي أنفسهم، فهذه مجددات ومقومات الإيمان مما يتكرر، فما بالك فيما لا يتكرر، فعلى الإنسان أن يحرص على تجديد إيمانه.

ولا شك أن الإنسان في بداية أمره وأول التزامه -وغالباً التائب- يكون أصدق ما يكون, كما جاء في حديث الرجل الذي قتل مائة نفس، عندما توجه بقلبه بصدق إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لكن سبحان الله! بعد أن يتوب ويطمئن ويدخل في غمار الإيمان فترة, تبدأ الغفلة في الظهور ويمسه طائف من الشيطان, وما أشبه ذلك, وهذا حال القلوب جميعاً, ولكن لا بد من المصابرة ومن تجديد الإيمان بذكر الله، وقراء القرآن، وزيارة المقابر، والتفكر في ملكوت السماوات والأرض، والاعتبار بمصير الأحياء والأموات، وكل ما من شأنه أن يحيى إيمان القلب إن شاء الله.