للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[متى يصير الجهاد فرض عين]

يقول: 'اتفق السلف والخلف وجميع الفقهاء والمحدثين في جميع العصور الإسلامية، أنه إذا اعتدي على شبر من أراضي المسلمين؛ أصبح الجهاد فرض عين على كل مسلم ومسلمة، بحيث يخرج الولد دون إذن والده، والمرأة دون إذن زوجها'.

هذا الكلام غير صحيح، وإذا أردتم أن ننقضه، وأن نبين أن هذا غير صحيح فمن نفس الكتاب، وليس من أي كتاب آخر، فهذا الكلام من صفحة (٦)، فلننظر إلى صفحة (١١)، فقد أتى فيها بكلام الشيخ عبد الله علوان، وكرره ص٢٢ من نفس الكتاب.

يقول: 'قال ابن عابدين من فقهاء الحنفية: وفرض عين إن هجم العدو على ثغر من ثغور الإسلام، فيصير فرض عين على من قرب منهم -تأملوا ما قال! فقد قال: على من قرب منهم، ولم يقل: على كل مسلم ومسلمة، فهو كلام مختلف، ثم قال:- فأما من كان وراءهم على بعدٍ من العدو فهو فرض كفاية إذا لم يحتج إليهم، فإن احتيج إليهم بأن عجز من كان بقرب العدو عن المقاومة، أو لم يعجزوا عنهم، لكن تكاسلوا ولم يجاهدوا، فإنه يفترض على من يليهم '.

فالقول بأن الجهاد فرض عين على كل مسلم ومسلمة بإطلاق خطأ؛ لأن الفقهاء ما اتفقوا على هذا، وإنما قالوا: على أهل البلد القريب، ثم على من يليهم، ثم على من يليهم وهكذا.

ثم إن الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله يقول: 'بسم الله الرحمن الرحيم لقد سمعت ما كتبه أخونا عبد الله عزام بحكم الدفاع عن أراض المسلمين التي احتلها أعداء الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وأعداؤهم من أجناس الكفار، والبالغ ١٢٠ صفحة، وهو كتاب جيد، أرى أن يعرض على رئاسة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية لتقرير ما تراه في ذلك ونشره، ليعم الانتفاع بمضمونه، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا من المجاهدين في سبيله'.

وهذا الكلام حق فهو يقول: أنا أرى أن هذه الرسالة جيدة، وتعرض على الرئاسة، وهذا كلام نحن نقوله، فليس في هذا تزكية، والشيخ عبد الله عزام ذكره هنا على أساس أنه تزكية، وأن الكلام حق ومجمع عليه بين العلماء.

فلنرجع إلى الأدلة التي ذكرها الشيخ -غفر الله لنا وله- يقول مثلاً: 'من أهم الفرائض الغائبة والواجبات المنسية فريضة الجهاد التي غابت عن واقع المسلمين، فأصبحوا كغثاء السيل' وهذا كلام صحيح، فمن أهم الفرائض التي تركها المسلمون الجهاد، هنا (من أهم) وهناك (أهم)، وهذه هي المشكلة يا شيخ! هناك فرق بين (أهم) و (ومن أهم)، ولا ينبغي أن نقع في التناقض، والمسألة دماء، والمسألة أنفس، فالإنسان إذا أفتى في أمر بدرهم أو دينار لا يجوز أن يتسرع فيه، فكيف إذا كانت الفتوى تتعلق بالدماء والأنفس؟ العنوان (أهم) وبالداخل (من أهم)، فلو استبدلت (أهم) بـ (من أهم) فنحن معك وعندها يكون هناك ما هو أهم منه نقدمه عليه.

هذا الكلام في (ص:١٩) وأعاده في (ص:٢٠) يقول: "أنواع الجهاد: جهاد الدفع -أي دفع الكفار عن بلادنا- وهذا يكون فرض عين، بل أهم فروض الأعيان'.