للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اختلاف العقائد سبب في اختلاف الحكومات والشعوب]

السؤال

ما سبب اختلاف الدول العربية فيما يتعلق بقضية العراق؟ وهل ينطلق هذا الاختلاف من منطلق سياسي, أم من منطلق عقدي؟

الجواب

الدول التي لم تصوت مع الإجماع الذي وقع في جامعة الدول العربية, أو الدول التي رفضت القرارات هي الدول البعثية, أو الدول التي للبعث فيها وجود قوي, أو تتأثر بآراء البعث من قريب أو بعيد.

إذاً القضية قضية عقيدة, ونحن في هذه الأيام وبناء على هذه الوقائع بدأنا نتكلم عن هذا الحزب ونتعرف على الحكم الشرعي له، إننا إنما نتكلم عن جناح من أجنحته, أو عن زعيم من زعمائه, فيما الزعماء الآخرون وهم بعثيون مثله فإننا لا نتكلم عنهم.

مشكلتنا أننا كما عبر ذلك اليهودي الخبيث بقوله: إن العرب لا يقرءون, وأخشى أننا نقول: لا؛ نحن نقرأ, ولكن ماذا نقرأ؟ كثير من الناس يقرءون ولكن لا يقرءون ما يهم الأمة وما يجب أن يعلموا, ووسائل إعلامنا تزيد الطين بلة, فهي لا تعرض علينا شيئاً مما يمكن أن نعرف به هذه الأحزاب الفاجرة.

إلى ما قبل هذه الأحداث كان بعض الإخوة يذهلون إذا ذهبوا للعراق , ويقول بعض الإخوان الذين يذهبون إلى العراق في رحلة علمية: ما كنت أصدق ما يقال عن العراق حتى رأيت واقع الحال!! إذ أنني كنت لا أستطيع أن أصلي, ولا أجد الكتب الإسلامية النافعة, وأجد عوضاً عن ذلك الشعارات الملحدة المعلقة في كل مكان! والتعظيم لهؤلاء الطواغيت في كل مكان! وأجد مظاهر الانحراف والانحلال والتفسخ!! أمور عجيبة؛ لأنه كان يظن أن حال المجتمع العراقي كمجتمعنا؛ لأن العراق غير بعيدة عنا, فيفاجأ الذي يذهب إلى هناك -وهم غالباً من الطبقة المثقفة- بواقع الحال, لماذا؟! لأن الإعلام قد جعل هذه الحقائق غائبة عنا, لم يعرفنا بأعدائنا, إعلام المسلسلات والأغاني والمقابلات والتراث الشعبي والعرضات إلخ, ونشرات أخبار عادية جداً لا تسمن ولا تغني من جوع.

هذا ليس هو الإعلام الذي يجب أن يكون في أمة تعاني من أعداء يحيطون بها من كل جهة.

أمة تحارب من أجل عقيدتها, ويتكالب عليها الشرق والغرب من كل مكان, يجب عليها أن تعرف عقيدتها أولاً, ثم تعرف هذه العقائد الباطلة وتعرف أصحابها.

ثم فوجئ -كما ذكر بعض الإخوة- بأنه يوجد فروع أو أعضاء من حزب البعث في السعودية , نعم؛ أعندنا عهد من الله ألا يكون فينا شيوعي؟! أعندنا عهد من الله ألا يكون فينا بعثي؟! من أين لنا ذلك ونحن في خواء عقدي كما ترون؟! بعضكم قد سمع ولا شك -ممن يتابع الدروس عندنا- كيف أن بعض الأساتذة في بعض الجامعات يقولون كلاماً في منتهى الإلحاد, وهم يدرسون عندنا, ومن أبناء جلدتنا, ويتكلمون بلغتنا, منهم البعثي, ومنهم الشيوعي, ومنهم العلماني الذي ينهج الطريقة الأمريكية, ومنهم الديمقراطي ومنهم ومنهم فكيف يكون حال أبنائنا حينما يصل الواحد منهم إلى الثانوية وهو خواء, ليس لديه من الإيمان شيء, فكيف لا يكون هذا الانفتاح على العالم كما يسمونه ويطالبون به, وإن آخر ما طالب به هؤلاء قناة ثقافية تختص بنقل الموروثات الثقافية الغربية؛ وذلك لتكون وسلة مباشرة لإيصال الثقافية العالمية إلينا, سبحان الله! حتى هذا الذي يبحث عن الانفتاح الثقافي, فنسأله قائلين: ما الذي سوف يأتينا من ثقافة الغرب أو الشرق؟! كيف تتحصن كل دولة من دول العالم بالمحافظة على لغتها وعلى تقاليدها وعلى عاداتها, حتى على مستوى دول صغيرة مثل: هولندا , والدنمارك وغيرها, هذه الدول لها لغات محلية لا يتكلم بها إلا أهلها, وهم يجاورون فرنسا من جهة, ويجاورون إنجلترا من جهة, وهاتان الدولتان من أعظم دول العالم, وأوسع اللغات انتشاراً في العالم الإنجليزية والفرنسية, وهي أوروبية ونصرانية وتتفق مع أولئك في سياستها وفي أمورها كلها, وسوف تتوحد معهم أيضاً وتكون دولة واحدة ومع ذلك يحرصون ألا تتسلل إليهم الأفلام الإنجليزية أو الفرنسية, أو أن تؤثر فيهم الثقافة الفرنسية والإنجليزية ليحتفظوا بلغتهم وآدابهم وتاريخهم وهم عدد محدود جداً, فيا سبحان الله! هذا حالهم وهم على دين واحد! أما نحن فالأبواب مشرعة لكل لغة, ولكل ثقافة, ولكل من هب ودب, وقل أن تجد في صحفنا اليومية صفحة من صفحات الأدب أو الفكر إلا وهي تترجم لشعراء أو لأدباء أو مفكرين على شتى المبادئ, ومن مختلف البلدان!! ثم بعد ذلك نستغرب أن يوجد بيننا بعثيون, بل إنهم موجودون, والحزب قديم, وأنا أحيلكم إلى كتب الشيخ أحمد محمد باشميل نسأل الله سبحانه وتعالى أن يختم له بالخاتمة الطيبة, كان يطالع ويجول وحده في الميدان, ولم يكن معه إلا الله سبحانه وتعالى, وله كتب جلها تتكلم عن البعثيين المجرمين, ويذكر عن بعضهم أنهم كانوا يبثون فكرهم هنا, وكانت لهم بعض الصحف تصدر في المملكة , فنقول: نعم لهم وجود, وكان لهم بعض المدارس المشهورة في الرياض , وأذكر عندما كنا في الرياض وأنا في الإبتدائية كنا نعلم أن إحدى الثانويات في الرياض بعثية التوجه والعقيدة, وكانوا يحاولون أن يخرجوا منها مظاهرات, بل قد أخرجت مظاهرات في فترة ما في شركة أرامكو في الظهران , وأنا أذكر تلك الأيام أيضاً في المنطقة الشرقية.

ثم فيما بعد قرأت عنها بشكل أوسع, فكانت هذه الأحزاب موجودة في هذه البلاد, ومن أهم هذه الأحزاب: البعثية والناصرية , وكلهم يدعون القومية العربية وما الحداثة عنكم ببعيد, كل فكر يمكن أن ينشأ إذا غابت العقيدة الصحيحة, والإيمان الصحيح, والتمسك الصادق بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فلا نستغرب وجودها والله المستعان!!