للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاستغلال اليهودي للصراع بين العلم والكنيسة]

هذه النظرية -نظرية نيوتن - أوحت إلى أناس متربصين بالدين وهم اليهود باستغلال هذه الفجوة بين العلم وبين الدين، فظهرت نظريات تقول: ألا يمكن أن يأتي مقابل الميكانيكا الكونية ميكانيكا بشرية، بحيث تسير حياة الإنسان وفقاً للعلم أو لنظريةٍ ما؟! هذه القضية شغلت كثيراً من علماء أوروبا الهاربين من الكنيسة، فبدأ الهجوم على الدين ولكن بطريقة الهجوم على رجال الدين، فإنه لم يكن بإمكانهم في ذلك الوقت أن يهاجموا الدين، أي أن يهاجموا الإنجيل.

ومعروف في الأدب الأوربي أن القصص والأعمال الأدبية كثيرة وموضوعاتها تتمحور في أمرين: الأمر الأول: رجل الدين الذي يتظاهر بالدين والخشوع في الدير، ويبكي ويقرأ الإنجيل، ولكنه في السر يرتكب الفواحش، ويزني مع الراهبات، ويأكل الربا، ويفعل الموبقات إن عادة الناس أنهم يقرءون الأدب لأنه يثير النزعة الإنسانية -كما يسمونها- فيقرءون الأعمال الأدبية، فتعطي ردة فعل وتصوراً معيناً -لكن ليس تصوراً علمياً ضد الدين- وإنما هو ضد رجال الدين.

الأمر الثاني: العطف على البغايا! وهذا أصبح منهجاًَ معروفاً في الأدب الأوروبي، فهناك أعمال أدبية كثيرة معروفة موضوعها المرأة البغي التي لجأت إلى البغاء، نتيجة ظروف اجتماعية قاهرة وأوضاع سيئة ومشاكل، لكن مع أنها بغي وأنها تضحي بعرضها وشرفها لمن شاء، لكنها محترمة لأنها لا تسرق، وأخلاقها ومعاملاتها طيبة، وكذا وكذا، هذه الصورة تعرض مقابل ما يعلمه الناس جميعاً -وأولهم الكرادنة والقساوسة- عما يدور في الأديرة من الفواحش ومن الموبقات! والذين درسوا الأدب الإنجليزي والعربي من مُجَّان شعراء العرب كانوا يدخلون الأديرة فيجدون هناك الملذات والشهوات والمحرمات والموبقات والعياذ بالله! وكذلك في أوروبا عندما جرت حروب بين البروتستانت والكاثوليك كان البروتستانت يدخلون إلى بعض الأديرة ويخرجون منها رفات وعظام أطفال الزنى -المولودين بالزنى- الذين رمتهم الراهبات والقساوسة تحت الأرض، فأخرجها البروتستانت ليبرهنوا على انحراف الكاثوليك، وكأنهم هم ليسوا منحرفين! فالعطف على البغايا أيضاً كان اتجاهاً في هذه المرحلة ومن أشهر هذه الأعمال كتابات الرجل الأوروبي ديجرو الفرنسي الذي كتب دائرة المعارف لتحل محل الإنجيل، وكان ذلك في القرن الثامن عشر، وأما من مضى فكتبوها دائرة معارف عامة ليستغنوا عن علم اللاهوت بها، وديجرو هذا له قصة كبيرة جداً اسمها الراهبة، وسميت بعد ذلك المتدينة، وهناك أعمال كثيرة من هذا القبيل.

فهناك الاتجاه الإنساني أو الأدبي أو الاجتماعي يسير مع الصراع العلمي بين العلم وبين الكنيسة، حتى جاءت الثورتان المتقاربتان: الثورة الفرنسية وهي ثورة بالمعنى الصحيح، والثورة الصناعية.