للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وألف بين قلوبهم]

أيها الإخوة الكرام! بشائر النصر قد ظهرت، وقد لاحظتموها، هاهم المؤمنون الصادقون في مشارق الأرض ومغاربها -وكما قيل: رب ضارة نافعة- كلهم قد أشعلت في قلوبهم جذوة الإيمان، قد رفعوا رايات وكتبوا عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله، شعارهم: الله أكبر والعزة لله، أعلامهم ليس فيها إلا لا إله إلا الله محمد رسول الله، ما الذي جمعهم؟ ما الذي ألف بين قلوبهم؟ ما الذي أحيا الإيمان في قلوبهم؟ إنه الله عز وجل.

ألا ترون إلى المساجد كيف تمتلئ؟ ألا ترون النساء كيف يقبلن على الحجاب؟ ألا ترون الناس يقبلون على دين الله عز وجل أفواجاً؟ ألا ترون الشعوب كلها تطالب بتحكيم شرع الله؟ لا عزة إلا بتحكيم الشرع، لا نصر إلا بالرجوع إلى الكتاب السنة: (تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي).

ألا ترون طلائع الجهاد في سبيل الله، كلما أراد الكفار أن يطفئوا نور الله فإن الله عز وجل يظهر دينه: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة:٣٢] كم نسمع في هذه الأيام من التائبين الذين يقبلون على دين الله أفواجاً، وأعداد لا نحصيهم، دعاهم الله جل وعلا.

يقبلون على الدين بغير دعاته إلى الله، قوافل كثيرة يقبلون على دين الله، بل كم وكم نسمع هذه الأيام من الشباب الذين يريدون أن يجاهدوا في سبيل الله، قبل أيام كانوا في المراقص، قبل أيام كانوا في الملاعب، قبل أيام كانوا لابد يدخلون المساجد، أما اليوم يبكون من خشية الله، يبكون توبة لله، وأحدهم يقول: أريد الجهاد في سبيل الله: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ} [يوسف:١١٠].

إذا ظن الناس أنه لا مفر ولا نجاة، جاء نصر الله عز وجل: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ} [النور:٥٥] أبشروا فإن الخلافة ستعود، خلافة على منهاج النبوة، ولا تزال في هذه الأمة طائفة على الحق ظاهرين، وسوف يعود النصر للمسلمين، وسوف يبعث الله على رأس كل مائة سنة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها.

أبشروا أيها المؤمنون، وعليكم بالدعاء: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} [النمل:٦٢] {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:٦٠] عليكم بالثلث الأخير، عليكم بالدعاء في السجود، فإن الدعاء سلاح المؤمن، الدعاء يفوق الصواريخ، ويفوق القنابل، ويفوق المتفجرات، الدعاء سلاح المؤمن: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} [النمل:٦٢].

أشعلتها من دمي جمراً وبركاناً أججتها من قرار القلب نيرانا

فلا لشرق ولا غربٍ نطأطفها تلفظ الجبهة الشماء إذعانا

إن البطولة صاغتها عزائمنا فجراً منيراً وتحريراً وإيمانا

يؤجج النار في أعماق إخوتنا ويزهق الباطل المدحور مذ كانا

هدي الرسول رسول الله لقننا أن الهزيمة ليست من سجايانا

فبورك الدم روى قرب معتركٍ أرواحنا في لظاه من عطايانا

جند العقيدة يمضي ركبنا قدماً فلا يخلف طاغوتاً وأوثانا

نحرر الأرض من أغلال تجزئة قد مزق الدار أقطاراً وأوطانا

نحرر الفطر من أغلال مهزلة وردة مالها إلا سرايانا

نحكم الشرع منهاجاً لأمتنا ونحمل المشعل الوقاد فرقانا

منهاجنا قلعة في القلب نحرسها وبالدماء لها أغلى ضحايانا

تأبى عقيدتنا تأبى شريعتنا أن يصبح الناس أدياناً وقطعانا

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر اللهم أعداء الدين، اللهم من أراد بالإسلام والمسلمين سوءاً فأشغله بنفسه، واجعل تدبيره تدميره، ورد كيده في نحره، اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزم أعداء المسلمين من اليهود والنصارى ومن شايعهم، اهزمهم وانصرنا عليهم، اللهم اقذف الرعب في قلوبهم، اللهم شتت جمعهم، اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم، اللهم مزق جمعهم، اللهم انصر عبادك المجاهدين، اللهم اربط على قلوبهم، اللهم ثبت أقدامهم، اللهم اجمع كلمتهم، اللهم اجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين، اللهم ارفع راية الجهاد، اللهم ارفع راية الجهاد، واقمع أهل الكفر والفساد، اللهم انصر عبادك المسلمين، اللهم انصر عبادك المسلمين في كل مكان.

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.