للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التلفاز والدش وتدميرهما للبيوت]

ومن المنكرات التي دخلت بيوت كثير من المسلمين وهم لا يشعرون ولا يأبهون بها: هذا الجهاز الخبيث الذي يسمى (التلفاز) الذي جلب لنا بعده الفيديو، ثم صار الأمر أخطر من هذا وأكبر وأعظم، حتى ركبت الصحون على البيوت، وهذا البث المباشر الذي ملأ كثيراً من أسقف المسلمين، فيعرض فيه وينشر من خلاله العهر والدعارة والعري والفسق والمجون، ثم يقوم ويشتكي رب الأسرة، ويقول: لا أستطيع أن أرد الأولاد، ثم يشتكي ويقول: لو لم أشتره لاشتروه ووضعوه فوق البيت كيف أصبحت رباً للأسرة؟! ألست راعياً ومسئولاً عن رعيتك؟! {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} [التحريم:٦] هل هكذا تقي أهلك وأولادك وبناتك من النار؟!

عبد الله: كن عاقلاً.

يا عباد الله! إن هناك من الصحون (الدشوش) في هذا الزمان ما لا يحتاج رب الأسرة إلى أن يضعه فوق السطوح؛ بل في الغرفة، ثم تأتي لك بجميع البرامج من جميع أنحاء العالم، لتختر منها ما تشاء، ولتضع يدك على الزر الذي تختاره، فتأتيك تلك الأفلام والمسلسلات الماجنة الخليعة من الذي ينظر إليها؟ إنها ابنتك، وأختك، وزوجتك، وجارتك، وبنت عمك.

وإن لم تمنع هذه الصحون (الدشوش) من البداية، وإن لم تقطعها من دابرها، فسوف تصبح كالتلفاز، كما أننا الآن لا نستطيع أن نمنع (التلفاز) وقد كان فيمن كان قبلنا رجال صالحون إذا قيل لهم: أدخلوا (التلفاز) في بيوتكم؟ قالوا: كلا ولا.

لن ندخل (التلفاز) إلا على قطع رقابنا؛ ولكن البلاء قد انتشر، والآن عندما يقال للصالحين: أدخلوا الصحون (الدش) في بيوتكم، وهذا البث المباشر يقولون: لا والله! لا ندخله إلا على قطع الرءوس، فنحن إن سكتنا على هذا المنكر، وإن انتشر في البيوت التي بجوارنا فسوف يدخل بيوتنا، بل إن بعض (الصحون) لا تنقل هذا البث في بيتها فقط؛ بل حتى في البيوت المجاورة، فيضع الفاسق أو الماجن بثاً مباشراً على سطح بيته فينتقل هذا البث إلى بيوت الجيران من غير أن يشتروا هذه الدشوش.

عباد الله: عندما نقلب الصفحات والجرائد نتعجب من شاب عمره ثلاث عشرة سنة يسرق ويقبض عليه سارقاً للذهب والمجوهرات! أو عمره خمس عشرة سنة قبض عليه وهو يتعاطى المخدرات! أو بنت عمرها ست عشرة سنة تبيع ذهب أمها ثم تسافر إلى خارج البلد وتهرب! أو عمرها ثماني عشرة سنة هربت من بيت أبيها ولم يجدها إلا بعد شهر!

ونتعجب كيف يتعلم ذلك الشاب كيف يسرق من الناس الذهب والسيارات والبيوت والمجوهرات والخزائن؟!

بل نتعجب كيف تعلمت هذه البنت الصغيرة كيف تخرج من بيت أبيها وأمها؟!

أتعلمون ما هو السبب؟ أو ما هو الطريق؟

إنه ذلك الجهاز الذي اشتريته بمالك وكدك وجهدك ثم وضعته في البيت، ثم بعد هذا لا تسأل يا عبد الله: كيف حصل للبنت كذا؟ أو كيف تعلم الابن هذا؟ فأنت المسئول عند الله جل وعلا يوم القيامة سائلك عن ولدك، وعن زوجتك، وعن أهل بيتك، وعن من تمولهم وتعولهم، يسألك الله عنهم يوم القيامة: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر:٨] سائلك عن مالك من أين اكتسبته؟ وفيم أنفقته؟ وسائلك عن بيتك هل حفظته أم لا؟

عبد الله: التفت قليلاً إلى بيتك، وارجع قليلاً إلى أهل بيتك، واجلس معهم وفتش في أهل بيتك عن هذه المنكرات، ولا تقل يا عبد الله: كل الناس مثلي وكل الناس يفعلون ما أفعل {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف:١٠٣].

أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.