للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الظلم]

السبب الأول: الظلم:

إن الظلم من أعظم الأسباب التي يهلك الله عز وجل بها القرى، قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:١٠٢].

وكم يحصل في بعض الأمم وفي بعض القرى من الظلم ظلم الناس لربهم جل وعلا، وظلم الناس بعضِهم بعضاً، تجد كثيراً من العمال والموظفين ومن الأجانب ومن المغتربين من يمكث عدة أشهر ولا يحصل من مسئوله ومديره وكفيله على دينارٍ واحد، وكم جاءنا ممن يبكي بين أيدينا ويشتكي من كفيله الذي حرمه لقمة العيش لأولاده!

يقول بعضهم: مكثت ستة أشهر ولم يعطنِي ديناراً واحداً، ولو اشتكيت عليه لهدَّدني بالسفر وبالرجوع والطرد إلى بلادي

وكم هو الظلم الذي يحصل في بعض البلاد لصغار الناس والموظفين والعمال والمواطنين الذين لا يستطيعون أن يحصلوا على بعض حقوقهم فضلاً عنها كلها، إنه الظلم يا عباد الله!

ومن أعظم الظلم ما يكون على المؤمنين الموحدين، وعلى الدعاة إلى الله جل وعلا، وعلى أولياء الرحمن، وإن وقع الظلم على هؤلاء فاعلم أن هذه القرية تحارب الله جل وعلا، وهذه القرية تنتظر بعث الله تبارك وتعالى يأتيها صباحاً أو مساءً، بياتاً أو هم قائلون، واسمع إلى قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً} [الكهف:٥٩].

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عليه رحمة الله: "إن الدول تزول مع الظلم ولو كانت مسلمة"، ولو كان أهلها مسلمون، ولو كانوا مصلين، ولو كانوا راكعين، ولو كانوا ساجدين، فإنهم يزولون؛ لأن فيهم الظلم.

عباد الله: إياكم إياكم والظلم! فإن الله تعالى حرم الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرماً.