للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خروج الناس إلى أرض المحشر]

إذا به بعد سنين طويلة يسمع بصيحة ما هذه الصيحة؟ كأنه قد سمع بها من قبل، وكأنه قد وعد بها، إذا به يرى القبر يُفتح فوقه، وإذا به يرى الناس يخرجون من تحته، فيخرج ينفض الغبار عن جسده أتعرف إلى أين؟ يرى السماء تتفطر، والأرض تتزلزل، والجبال تدك، والبحر يحترق، والوحوش تحشر: {قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} [يس:٥٢] فيرد عليهم الصالحون: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} [يس:٥٢] يخرج فإذا الناس يخرجون من تحته، البشر من عهد آدم إلى آخر إنسان تخيل كم عددهم؟ بل ما شكلهم؟ كالجراد المنتشر.

أما الجبال فتحسبها جامدة {وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ} [النمل:٨٨]، البحار من عظمها تتفجر وتحترق، وتخيل الأرض من تحته تتزلزل، إلى أين يذهب؟

قال تعالى: {كَلَّا لا وَزَرَ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ * يُنَبَّأُ الْأِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ} [القيامة:١١ - ١٣] يقف كل الناس على أرض بيضاء عفراء -أي: تميل إلى الحمرة- وتخيل هذا المنظر، الأرض كقرصة نقي مستوية مستقيمة ليس فيها ارتفاع لأحد على أحد.

أتعرف ما أشكالهم؟

حفاة عراة غرلاً، غير مختونين غير مطهرين، كما خلقه الله {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} [الأعراف:٢٩] كلهم على أرضٍ واحدة ينتظرون الحساب، والمدة طويلة، وارتفاع الشمس على الرءوس قدر ميل ثلاثة أيام أسبوع، مللنا الانتظار شهر شهرين، سنة سنتين: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج:٤] خمسين ألف سنة والناس وقوف.

يا مسكين! أراد الله منك عبادة خمسين أو ستين سنة، فأبيت إلا أن تقف تحت الشمس خمسين ألف سنة.