للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بدء فصل القضاء والحساب يوم القيامة وشهود الجوارح]

ثم يبدأ الفصل، ويبدأ الحساب، والله سريع الحساب، يحاسب الناس جمعياً في لحظة واحدة، من آدم إلى آخر البشر يقول: أنت فلان بن فلان، فترتعد الجوارح وتضطرب ولم تعد الرِجل تحمل صاحبها، وإذا به يبكي، ويريد الفرار والنجاة، والملائكة تسوقه إلى الرب جل وعلا سوقاً، لا يستطيع أن يمشي على قدمه، فيقف بين يدي الرب جل وعلا الذي لا تخفى عليه خافية: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق:٩] تخرج وتفضح ذلك يوم الخزي، فيقول لهم الرب جل وعلا، وتخيل -أخي الكريم- أنك في هذا الموقف، يقول لك الرب: عبدي! ألم أصح لك الجسد؟!

ألم أسقك من الماء البارد؟!

ألم أنعم عليك بكذا وبكذا ويعدد عليك النعم طوال الحياة؟!

ثم يقول لك الرب جل وعلا: عبدي ما الذي جرأك علي؟!

عبدي! أتذكر هذا الذنب؟! أتذكر هذه المعصية؟! أتذكر هذه الجريمة؟!

عبدي! أتظن أني لا أرى؟! {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق:١٤].

ثم يقول له: يا رب! ما فعلت، يكذب على ربه جل وعلا مسكين! لا زال في جرأته، ولا زال في عناده وكبره، يقول: يا رب! ما فعلت شيئاً يا رب! هذا كله كذب

وبدأت الشهود الملائكة تشهد، والصالحون يشهدون رب أعطيته في اليوم الفلاني شريطاً لكنه رماه، رب في اليوم الفلاني طرقت عليه الباب ونصحته لكنه ضحك علي، رب في اليوم الفلاني عملت له محاضرة وذكرته ونصحته ولكنه استمر على هذا، يأتي الشهود، كل الناس يشهدون عليه، والملائكة تشهد، فيقول: يا رب! لا أقبل شاهداً إلا من نفسي، لا أقبل الشهود يا رب! أنت العدل، كيف تأتي بشهود وأنا لا أقبل إلا شاهداً من نفسي؟

فيقول له الرب جل وعلا: لك ذلك، لا يشهد عليك أحدٌ إلا نفسك، فإذا بالفم يختم عليه، وإذا باليد تنطق، والجلود تتكلم، والفخذ والخد ينطقان، وإذا به: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [يس:٦٥] تتكلم: يا رب! في اليوم الفلاني لمس فلانة بالحرام، وفتح ذلك الفيلم على الحرام، وكتب تلك الرسالة، وفتح هذه المجلة، وقبض هذه الرشوة، وضرب فلاناً، وبطش وفعل، والرجل: يا رب! ذهب بي إلى المكان الفلاني والفلاني والفلاني والفلاني ينظر إلى الجلود تنطق: {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ} [فصلت:٢١].