للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تعلم الأدب مع الطلب]

أول أمر: تعلم مع الطلب الأدب، فلا خير في طالب علم لا يحسن الأدب، وكم هم أهل العلم في هذا الزمان الذين لم ينشروا علمهم بسبب سوء أدبهم، بل لعلك تعجب بعض الأحيان من شاب يحفظ كتاب الله، وسنة رسول الله، وأقوال أهل العلم، فإذا جلس مجلساً أساء الأدب على هذا، وتكلم في هذا، واغتاب ذاك، وسب ولعن وشتم وسفك دماء الناس ما السبب؟ إنه تعلم العلم ولم يحسن الأدب.

اسمع إلى الشافعي! مَن شيخُه؟ مالك، يقول عن نفسه: كنت أفتح الكتاب صفحاً رقيقاً هيبة له ألا يسمع الصوت انظروا إلى الأدب -يا إخوة- هل رأينا هذا الطالب مع هذا الشيخ في هذا الزمان؟ لم أرَ طالباً مع شيخه يفتح الكتاب بهدوء حتى لا يزعج شيخه هيبة له، والجزاء من جنس العمل.

تلميذ للشافعي يسمى الربيع، يقول الربيع عن نفسه: لم أتجرأ أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلي هيبة له، يقول: أستحي أن أشرب الماء أمامه.

انظروا إلى الأدب! وكم سمعنا عن طلبة علم يجلسون مع الشيوخ، فعندما يأخذ أحدهم بعض العلوم، ويظن أنه قد وصل، وقد علم بعض الشيء، وقد اعتمد على نفسه خرج في الناس يقول: انظروا إلى الشيخ الضال المضل! انظروا إليه عنده خطأ كذا! وفيه عيب كذا، وسوءته كذا، وأخذ يفضحه بين الناس ويسيء الأدب

أعلمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رماني

وكم علمته نظم القوافي فلما قال قافية هجاني

واعلموا -أيها الإخوة- أن هؤلاء قلة لا كثرهم الله جل وعلا، فاحرص يا عبد الله على الأدب أثناء الطلب.

ولهذا لا حاجة لنا في هذا الزمان لطلاب علم لا يعرفون كيف يتعاملون مع الناس، ويحسنون أخلاقهم، ولهذا سمعت الألباني حفظه الله يوماً يقول: إن الأمة الإسلامية تشهد صحوة علمية، يقول: أما الصحوة التربوية فلا! وصدق حفظه الله وكأنه ينظر بعين ثاقبة إلى أحوال هذه الأمة، العلم ينتشر أما التربية أما الأدب أما حسن الخلق؛ فقلَّما تجد شاباً طالباً للعلم يحسن خلقه مع الناس، هذا نادر في الوجود إلا فيمن وفقهم الله جل وعلا.