للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[تجلي الله للجبل]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد:

أيها الإخوة الكرام: أيها الإخوة الحضور! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مهما تكلمنا في هذه المحاضرة ومهما تحدثنا فنحن مقصرون، ولن نثني على الله عز وجل حق الثناء، فالله جل وعلا له الأسماء الحسنى والصفات العلى، نثبت كل الأسماء وكل الصفات لله جل وعلا على ما تليق به: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:١١] {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام:٩١].

موسى عليه السلام كلم الله جل وعلا مباشرة، فكان كليم الله، وبعد أن كلم الله اشتاق لرؤيته، والنظر إليه، فطلب من ربه هذا الطلب: {قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} [الأعراف:١٤٣] أريد رؤيتك وأشتاق لرؤيتك، قال الله جل وعلا: {لَنْ تَرَانِي} [الأعراف:١٤٣] في هذه الدنيا لن يراه أحد.

أما يوم القيامة فيراه المؤمنون: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة:٢٢ - ٢٣] {قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ} [الأعراف:١٤٣] انظروا إلى الشرط الذي اشترطه الله على موسى قال: انظر إلى الجبل الأصم الشامخ العظيم إن أطاق رؤيتي فسوف تراني، فإذا بالرب جل وعلا يتجلى للجبل قال ابن عباس: [قدر رأس الإصبع] فإذا بالجبل العظيم يندك ولا يبقى من الجبل شيء.

وموسى لما رأى المنظر خر على الأرض صعقاً، ولما أفاق: {قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ} [الأعراف:١٤٣].

{قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف:١٤٣] {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام:٩١].