للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الكلام على العلماء واتهامهم بالتقصير]

السؤال

بعض الإخوة يتكلم على العلماء، ويقدح فيهم بحجة أنهم لا يصدعون بالحق، وأن شرع الله لا يحكم، وأن المنكرات منتشرة جهاراً، وهؤلاء العلماء لا ينصحون المسئولين بزعمه وقد يقول: إنهم منافقون وهكذا، فنرجو التوضيح.

الجواب

جزاك الله خيراً، واعلم أنه لن تصلح أمة لا توقر علماءها وولاة أمرها، والعلماء هم ولاة الأمور، فإذا كان كلام الأمة في علمائها فلن تصلح هذه الأمة، بل هذا الرجل الذي يطعن في العلماء يقول: الناس وصلوا وفعلوا، وهؤلاء لا يزالون يدرسون كتب الفقه والعقيدة، ماذا فعلوا؟ وماذا نصحوا؟

فقل له: أنت لا درست ولا وصلت، أنت لم تفعل فعلهم ولا فعلت فعل غيرهم، بل أنت جالس في البيت، وما يدريك أن الذي ينصح ينصح لله ولا يشتهر في نصحه ليقول للناس: انظروا أنا نصحت، وكما أخبرني كثير من الثقاة أن الشيخ ابن باز ينصح، وما يأتيه رجل من الكبار والصغار إلا وينصحه، كذلك غيره من العلماء ينصحون؛ لكن ليسوا كغيرهم من الذين إذا نصحوا قالوا: يا ناس انظروا فنحن نصحنا وفعلنا.

ثم نسأل: هل الدعوة إلى الله واجب العلماء فقط؟!

نعم قد قال الله: {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ} [التوبة:١٢٢] نعم نعيب على طلبة العلم الذين تخرجوا من الجامعات وجلسوا في البيوت، لكن أقول لمثل هذا: أنت ماذا فعلت؟! تكلم أولاً عن نفسك: (بلغوا عني ولو آية) ألا تحفظ آية؟ ألا تحفظ قول الله عز وجل: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} [النساء:١٠٣] ألم تحفظ قوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة:١١] لم لا تأمر الناس بالصلاة؟

جاء بعض الأعراب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم، ثم سأل عن الشهادتين وبقية أركان الإسلام، ثم ذهب إلى قومه يدعوهم، فأسلمت قبيلته كلها، فهكذا تكون الدعوة، أما أنك تلقي اللوم على غيرك من العلماء وطلبة العلم، فقل لنا: ماذا فعلت؟ وكم آية تحفظ؟ وكم حديث قرأت؟ فهل بلغته؟ إذا كنت الآن تحفظ الحديث ولم تبلغه فكيف إذا حفظت الكثير؟ فسوف تكون كمن يأمر الناس بالبر وينسى نفسه، ينشغل بغيره عن نفسه، وهذه مصيبة وطامة.

وأشير هنا إلى قول الحافظ ابن عساكر رحمه الله: "واعلم أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، ومن أطلق لسانه فيهم بالثلب ابتلاه الله قبل موته بموت القلب" وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في قعر بيته) وقال الشاعر:

أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا

كف اللوم عن العلماء والمصلحين والدعاة، أو على الأقل سد المكان الذي يسدونه، فأنت لا تستطيع أن تفعل فعلهم، فما بالك تتكلم عليهم؟!