للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عقوبة من يفتخر بنسبه وهم عصاة]

إذاً: تفتخر بماذا يا عبد الله؟ قال: (إنما هم فحم من فحم جهنم) ثم اسمع إلى عقوبة أولئك الذين يفتخرون بأولئك الرجال قال: (أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع النتن بأنفها) أرأيت تلك الحشرات التي تمشي على الأرض تدفع النتن بأشرف شيء في جسدها ألا وهو الأنف، قال: إذا افتخروا بأولئك الرجال يكونون عند الله أهون من هذه الجعلان؛ لأن المؤمن إذا افتخر فإنما يفتخر بعمله الصالح، وإن فرح فإنما يفرح بنسبه إلى الله جل علا، وهو التقوى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون:١٠١] يأتي الناس يوم القيامة ويأتي من كان يفتخر ويعجب ويعظم نفسه على الناس؛ لأنه من قبيلة كذا، يأتي يوم القيامة فيقول الله لهم: (رفعتم أنسابكم ووضعتم نسبي).

نعم يا عباد الله! رفعنا أنسابنا ووضعنا نسب الله -إلا من رحم الله- فتجد الواحد منا يحقر فلاناً مع أنه يحفظ القرآن الكريم كاملاً أو من الذين يصلون الفجر، أو ممن يطيع الله جل علا، يحقره لأنه من بلد كذا أو من لون كذا، ونعظم ونشرف فلاناً ولعله يجاهر بالمعصية، بل لعله فاسق فاجر، نعظمه لأنه من أنسابنا قال: (رفعتم أنسابكم ووضعتم نسبي -هذا يوم القيامة- فاليوم أرفع نسبي وأضع أنسابكم).

{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون:١٠١] فيخرج المجرم الأثيم في ذلك اليوم فيقول: رب أحرق قبيلتي وعشيرتي كلها في النار وأنقذني منها يا رب! فيرد الله جل وعلا عليه: {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ * وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ * كَلَّا إِنَّهَا لَظَى * نَزَّاعَةً لِلشَّوَى * تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى * وَجَمَعَ فَأَوْعَى} [المعارج:١١ - ١٨].