للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لماذا الاهتمام بالبيوت]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

ثم أما بعد:

موضوع المحاضرة -أيها الإخوة- ثغرات في البيوت، وحينما أردت أن أعد الموضوع رأيت أن الثغرات كثيرة، وأنني لن أستطيع أن أحصيها في هذا المجلس، ويكفينا بعض الثغرات نقضي بها هذا الوقت نسأل الله أن يصلح لنا بيوتنا، ولكن بداية ومقدمةً لماذا نهتم بالبيوت؟

يقول الله عز وجل: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً} [النحل:٨٠] إذن الله عز وجل يمتن علينا بهذه البيوت، فكم من رجلٍ يفترش الأرض ويلتحف السماء، وكم من أسرة لا تجد بيتاً يأويها، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام إذا أوى إلى الفراش حمد الله الذي آواه، وجعل له هذا المسكن.

ثانياً: أن في هذه الكلمات وفي هذه الدروس وقاية لنا ولأهلينا من عذاب النار وقد قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} [التحريم:٦] فلا يكفي المسلم أن يقي نفسه من النار، بل يجب عليه أن يقي والدته ووالده وإخوته وأبناءه وزوجه وكل من في البيت {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} [التحريم:٦] أتعرف كيف صفتها؟

{وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم:٦] أترضى عبد الله أن ترى أمك يوم القيامة تحترق في هذه النار؟ تصور أن ترى أختك وأخاك يحترقان في تلك النار، أو ترى أولادك الصغار الذين طالما سهرت على راحتهم أن تراهم يحترقون في النار {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} [التحريم:٦] ولهذا جعل الله الخسران الكبير ذلك اليوم {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الزمر:١٥].

ثالثاً: يقول عليه الصلاة والسلام: (إن الله سائل كل راعٍ عما استرعاه، أحفظ أم ضيع) حتى يسأل الرجل عن أهل بيته.

رابعاً: عبد الله! إذا اشتدت الخطوب، وزادت الفتن، وكثرت على المسلم إلى أين يلتجئ؟ إلى أين يذهب؟ كيف يحتمي؟

يقول عليه الصلاة والسلام: (سلامة الرجل في الفتنة أن يلزم بيته).

خامساً: أن أكثر الناس يقضون أوقاتهم في البيوت، ولهذا حق لنا أن نتكلم عن ثغراتٍ في البيوت.

عباد الله! يسأل الصالحون متى يصلح الله هذه الأمة؟

ومتى يصلح الله هذا المجتمع؟ ومتى تزول المنكرات؟

ومتى يحكم بشرع الله؟

لكن نسألك قبل هذا السؤال متى تصلح بيتك؟

يا من عجز عن إصلاح بيته، كيف يصلح المجتمع؟

يا من لم يستطع أن يطبق شرع الله في بيته، كيف ستطبقه في المجتمع؟

يا من ينظر إلى الجيران، وإلى الأسواق، وقد كثرت فيها المنكرات، ألا تنظر إلى بيتك؟

ألا تلتفت إلى غرفتك؟ ألا تنظر إلى أمك وأبيك؟ ثم تنظر إلى غيرهما؟

عبد الله! ماذا يحدث لو أصلح كلٌ منا بيته؟

لو فرضنا أن هذا المجلس يحوي مائتي رجل مصلح داعية إلى الله، استمع إلى الكلام وذهب بيته، ولنفرض أن متوسط الاعداد في البيوت سبعة، إذاً لعله يصلح بنا بعد هذا المجلس ما يزيد على ألف وأربع مائة رجل وامرأة.

انظروا يا عباد الله! كيف لو أصلح كلٌ منا بيته، ماذا سوف يحدث في المجتمع؟

أبو بكر يأتيه عليه الصلاة والسلام في القائلة متخفياً فيقول: بأبي هو وأمي، لا يأتي في هذا الوقت إلا لحاجة، فيدخل فيقول: (أريدك في أمر) وكانت عائشة في البيت، فيقول: هم أهلك يا رسول الله! أي أن عائشة تحفظ السر ولكن أي سر؟

سر الهجرة، فيقول أبو بكر: هم أهلك يا رسول الله! أي: لن يفشوا لك سراً، ثم يخبر عليه الصلاة السلام بالسر الأعظم، وبالأمر الكبير الهجرة إلى المدينة، فهل تفشي عائشة سراً؟ إنه بيتٌ صالح لا يفشي سراً، ولا يعرف منكراً، يريد الخروج للهجرة، من الذي يقوم عليهما؟

ابنته الثانية أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، تريد أن تحفظ لهما الطعام فلا تجد إلا نطاقها فتمزقه اثنتين ثم تربط به الطعام.

إنه بيتٌ صالح.

وأي بيت وبيت عمر رضي الله عنه من الذي خرج منه؟

خرج منه عبد الله بن عمر بن الخطاب.

وبيت علي بن أبي طالب من الذي خرج منه؟

خرج منه سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين وذرية طيبة بعضها من بعض.