للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شاب انسلخ عن منهج الله]

أخي العزيز! (ما من ميت إلا يُبعث يوم القيامة على ما مات عليه).

اسمع إلى هذا الشاب! ونحذر كل من أقبل على الله ثم انتكس، كل من استقام ثم انحرف! انتبه! انتبه! القضية ليست بالهينة!

يقول بعض كبار السن -والقصة قريبة لعلها في العقود الماضية- ممن كانوا يبحرون في البحر للتجارة: كان هناك شاب ركب معنا في السفينة يريد التجارة معنا يقولون: كان هو المؤذن والإمام يدعوهم للصلاة، ويعنف على من يتأخر عن الصلاة، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، إمامهم ومؤذنهم، الله أكبر! شاب صالح يقولون: فَرَسَت السفينة عند جزيرة من جزر الهند للتجارة، يقولون: فلم ينزل من السفينة خشية على دينه والثبات عليه، ومرت الأيام، ترسو السفينة أياماً حتى يتبضع الناس، يقولون: فجاء صاحب له؛ انظر لأصحاب السوء، فقال له: يا فلان لم أنت حابس نفسك في السفينة؟

قال: لا أريد أن أنزل.

قال: لمه؟

قال: أخشى الفتنة.

قال: تعال، ولا تدخل إلى مواقع الفتنة، تعال إلى السوق فقط يقولون: فراوده حتى اقتنع، فنزل معه وأخذ يتجول ويطلق لعينيه العنان، يقولون: حتى اقترب من موضع فساد فقال له الصالح: ما هذا؟ قال: هذا مكان الفجور لا تقرب منه، فقط اجلس هنا، سوف أدخل ثم أخرج إليك، قال: يا فلان! اتق الله، قال: اتركني ألهو برهة من الزمن ثم أخرج، يقولون: وانتظَرَ صاحبَه، يقولون: وأخذ ينظر إلى كل من يدخل ومن يخرج، أرأيت! إنها خطوات الشيطان، خطوة خطوة، يقولون: فلما نظر اقترب، فتح إحدى النوافذ وأخذ ينظر إلى الداخل، فتحرك قلبه للمعاصي وللذنوب يقولون: ولم يفعل شيئاً فرجع إلى السفينة.

وفي اليوم الثاني نزل بنفسه إلى المكان، أرأيت! إنها خطوات الشيطان يقولون: فنزل إلى المكان بنفسه، لم يحتج إلى أحد، فدخل، فأخذ يعاشر ويعاقر الحرام ويشرب من الحرام ويفعل الحرام يقولون: وظل أياماً في ذلك المكان لم يخرج منه أبداً.

ولما حانت ساعة الرحيل قال قائد السفينة: أين فلان؟ ركب الناس، قالوا: لا نعلم قال: انزلوا ابحثوا عنه فبحثوا فوجدوه في مكان الفجور والدعارة يقولون: فرجعوا إلى قائد السفينة قالوا: إن فلاناً قد فسد دخل إلى ذلك المكان الفاجر، قال قائد السفينة: ائتوني به قالوا: لا يرضى قال: قيدوه وأتوا به وفعلاً، يقول كبار السن: فقُيِّد بالحبال وأدخل السفينة رغماً عنه وهو يبكي وهو يقول: لا أريد أن أذهب معكم، أريد أن أمضي حياتي في هذا المكان، أرأيت كيف انتكس!

يقولون: ومرت السفينة وسارت في البحر، يؤذن المؤذن فلا يصلي معهم، يقولون: فقط جالس في السفينة يبكي، يبكي بكاء شديداً حتى جاءه قائد السفينة يوماً لما اشتد بكاؤه قال: يا فلان! لقد أزعجتنا، لقد رفعت الصوت حتى مللنا منك لم تبك هذا البكاء؟

قال: أتريد أن تعرف؟ قال: نعم، يقولون: فكشف عن سوءته -عورته- يقولون: فنظر إلى سوءته قد أصابها المرض ويخرج منها الدود، يقولون: حتى فزع قائد السفينة وهرب منه، قال: أعوذ بالله! أعوذ بالله! لم نسمع بهذا من قبل.

يقولون: وفي تلك الليلة قام كل مَن على السفينة على صوت صيحة شديدة وصراخ يقولون: فاتجهوا ناحية الصوت في آخر الليل فوجدوا هذا الشاب عاضاً على خشبة في السفينة وقد زَهَقَت روحُه، أرأيت! أرأيت!

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا} [الأعراف:١٧٥] مثل: الثعبان، أرأيت الثعبان كيف ينسلخ من جلده؟! هكذا: {فَانْسَلَخَ مِنْها} كان يصلي الآن لا يصلي، كان يقرأ القرآن الآن يستمع الغناء، كان يذهب إلى الحج والعمرة الآن يذهب إلى بعض البلاد ليفعل الحرام: {فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا} [الأعراف:١٧٥ - ١٧٦] أي: بالدين {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} [الأعراف:١٧٦].

أتعرف مَثَل هذا الرجل الذي ينسلخ، الذي ينتكس؟! كان يقوم الليل، الآن في الليل على الفضائيات؛ أفلام، مسلسلات، رقص، غناء، كان يبدأ صباحه أول ما يبدأه بصلاة الفجر في المسجد أما الآن صباحه على الأغاني والموسيقى، كان يذهب يتجول ليدعو إلى الله، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، الآن يتجول لينظر إلى النساء ويعاكسهن، أرأيت! {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا} [الأعراف:١٧٦].