للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحسد]

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

أما بعد:

من أسباب تفرق المسلمين: الحسد.

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:٢٧].

هل عملت في الأرض معصية قبلها؟!

إنه الحسد؛ الذي ملأ قلوب بعض الناس، فحسدوا الناس على ما آتاهم الله من فضله.

اتق الله، وارض بما قسم الله لك، المؤمنون إخوة؛ لا يحتقر بعضهم بعضاً، ولا يحسد بعضهم بعضاً، ولا يظلم بعضهم بعضاً، ولا يتكبر بعضهم على بعض (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه).

إن أعظم الأمم التي تفرق المسلمين هي اليهود، إذ أن الحسد هو شغلهم الشاغل منذ أول الزمان إلى هذا الوقت، حيث أرادوا أن يؤلبوا المسلمين في المدينة بعضهم على بعض، وهم الذين وضعوا السم له، ولا يزال السم يعاوده ويجد أثره حتى مات عليه الصلاة والسلام.

من الذي سممه؟ اليهود؛ بل هم الذين سحروا محمداً عليه الصلاة والسلام.

وهم قبل ذلك قتلة الأنبياء والمرسلين؛ بل ما تجرأت أمةٌ على سب الله كما تجرأ اليهود، هم الذين قالوا: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آل عمران:١٨١] قالوا: الله يطلب منا المال فهو فقير!! تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً!

بل يقولون في التوراة المحرفة: إن الله نزل وتصارع مع يعقوب؛ بل يقولون -تعالى الله عما يقولون-: إن الله بكى ورمدت عينه، وعادته الملائكة! تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً!

أما سبهم الأنبياء، فإنها أكثر أمةٍ سبت الأنبياء، وقتلت الأنبياء والرسل، وحاربت دين الله.

ثم لما مات عليه الصلاة والسلام زرعت الفتنة والفرقة بين المسلمين، فادعى ابن سبأ الإسلام، ثم أخذ ينشر الفتنة بين المسلمين، وهكذا لا يزالون يفرقون الأمة؛ لأنهم يعلمون أنه أعظم سلاحٍ يقضون به على الإسلام والمسلمين.

انظروا إليهم الآن كيف يفرقون المسلمين، والمسلمون يتكالبون على رضاهم، ويستجدون السلام منهم؛ يستجدون رضا اليهود حتى يعيشوا في سلام، كأنهم يعاندون قوله تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:١٢٠].

يريدون السلام مع اليهود، والمساكين لم يقرءوا كلام الله: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة:٨٢].

في حين يحارب بعضهم بعضاً، يطلبون الصلح والسلام مع اليهود.

أي أمة هذه؟! هل تستحق النصر؟!

إن الله لا يظلم أحداً، ومتى ما رأى الله فينا استحقاق النصر نصرنا وهو القائل: {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم:٤٧].

إنهم يصادمون سنة الله الكونية والشرعية وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لن تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود).

أليس في قلبك هذا؟ ألا تنتظر هذا اليوم؛ الذي تكون فيه في جيش عيسى عليه السلام تقاتل فيه اليهود؟! (لن تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون).

الله أكبر! هذه سنة الله الكونية والشرعية، وهم يستجدون اليهود السلام، ويطلبون رضاهم، وهم يحرقون شعباً مسلماً، يحرقون لبنان ويقصفونها صباحَ مساءَ، والمسلمون يتوسلون منهم السلام والرضا! أي ذلة يعيشها المسلمون اليوم؟! (لا إله إلا الله! ويلٌ للعرب من شرٍ قد اقترب فتقول زوجته: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟! قال: نعم، إذا كثر الخبث).

إذا طم الخبث وعم بالمسلمين، فإنهم يهلكون وإن كانوا ألف مليون مسلم؛ لكنهم غثاء كغثاء السيل، قد أوهن قلوبهم حب الدنيا، وكراهية الموت.