للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقوف العاصي يوم المحشر]

بعد سنوات طوال يسمع صيحة فوقه ما الخبر؟ ماذا يحدث؟

إذا القبر ينشق، فيخرج من القبر، فيتذكر الحفرة المظلمة، ظل فيها مؤدباً إلى قيام الساعة يخرج ماذا يرى؟ السماء تنشق، والأرض تتفجر، والجبال تنسف، والبحر يحترق، والشمس ذهب ضوؤها، فيخرج ويقول: {قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} [يس:٥٢] يرد عليه الصالحون فيقولون: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} [يس:٥٢] يخرج من قبره، فالأرض لا تحمله ماذا يرى؟ قد عري جسده، ينظر إلى الصغير، فيشيب شعره من شدة الخوف، تأتيه أمه ينظر إليها وقد شاب شعرها، ورق جلدها وعظمها، تأتيه فتقول: يا بني! لقد كان بطني لك وعاءً، وثديي لك سقاءً، وسهرت على راحتك، يا بني -تخيل أمك- يا بني! حسنة أتقرب بها إلى الله، فيرد عليها: يا أماه! إليك عني، إليك عني، أنا أحوج عنك بتلك الحسنة {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ} [عبس:٣٤ - ٣٦] أتعرف لمَ يا أخي العزيز؟ لمَ أيها الشاب؟ {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس:٣٧] يخرجون من قبورهم يموج بعضهم في بعض كأنهم جرادٌ منتشر، الطفل الصغير يشيب شعره، والسماء تتفطر.

عبد الله! تخيل في ذلك الموقف كيف يكون حالك، وماذا تتذكر؟ هذا المجلس تتذكره في تلك اللحظة تتذكر عبداً صالحاً كان يأتيك ويطرق عليك الباب ويقول لك: يا عبد الله يا فلان! تعال معنا المسجد، فتقول: إن شاء الله، إن شاء الله، وترجع إلى البيت وتنام.

وتتذكر أنه كان يأتيك عبدٌ صالح فيقول لك في الفصل: فلان! استمع إلى هذا الشريط لعل الله أن ينفعك به، فتأخذه ثم ترمي به.

وتتذكر أنه كان يأتيك فلان فيقول لك: اتق الله يا فلان! لا يجوز لك هذا الفعل، فتولي وأنت تضحك عليه، تتذكر تلك اللحظات، ثم بعد ذلك يقفون خمسين ألف سنة، والشمس على رءوسهم قدر ميل {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج:٢].