للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[رسالة إلى مدمن]

إنني سائلك أن تفكر في هذه الكلمات، وأن تكثر التفكر فيها، لا تنم هذه الليلة إلا وأنت تفكر في كل كلمة قلتها، إن نهايتها عذاب في الدنيا، وخاتمة سوء، ثم عذاب قبر، ثم وقوف بين يدي الجبار، ثم الزقوم والحميم، تذكر إن تبت إلى الله جل وعلا، فسعادة في الدنيا، ثم قصور في الجنة، نهر من لبن، ونهر من عسل، ونهر من خمر تقول: ما أتحمل

أقول لك: اصبر في الله جل وعلا حتى تسمع تلك الكلمات، عند أبواب الجنان، تقول لك الملائكة: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد:٢٤] الصبر.

اصبر يا أخي الكريم! فارق تلك الصحبة، أقبل على الله جل وعلا، اشغل فراغك بقراءة القرآن، بالدعوة إلى الله، بالعلم النافع، بصلة الأرحام، ببر الوالدين، اشغل وقتك بما ينفعك عند الله جل وعلا، واعلم أنك إذا تبت فإن النهاية: {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً} [الإنسان:١٢ - ١٣].

وقبل أن أختم حديثي: لي وإياك لقاء، لقاء ليس على هذه الأرض، قد تكون على هذه الأرض ولكن أنا على يقين، بأننا سوف نلتقي يوم القيامة، إما أن نتخاصم عند الله جل وعلا، وإما أن نكون تحت ظل عرش الرحمن تبارك وتعالى، فاختر لنفسك أي الطريقين: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً} [الإنسان:٣].

سوف نلتقي يوم القيامة فإن تخاصمنا فعلّك تقول: يا رب ما جاءني من نذير فأقبل على الله جل وعلا، فأقول: بلى يا رب! سمع حديثي من ذلك الجهاز، وبهذا الشريط، سمع إلى كلامي، وتلوت عليه آياتك يا رب،! وأحاديث رسولك، وحذرته من ذلك المصير لكنه أبى، أو تأتيني يوم القيامة تحت ظل عرش الرحمن.

فتقول لي: يا شيخ! أتذكر تلك المحاضرة؟

أقول لك: وأي محاضرة؟

تقول لي: يا شيخ! أتذكر محاضرة: رسالة إلى مدمن؟

أقول لك: لعلي أذكرها.

تقول لي: يا شيخ! والله ما إن سمعتها إلا وبدأت صفحة جديدة بيني وبين الله.

أقول لك: صحيح؟!

تقول لي: نعم.

يا شيخ! كانت البداية صعبة، ولكن الله عز وجل أعانني: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:٦٩] يا شيخ أقبلت على الله، فإذا بالرب جل وعلا يقبل عليّ؛ أصبحت أقرأ القرآن، وحفظته في عدة شهور، صرت داعياً إلى الله تبارك وتعالى، تعرفت على الصالحين، غيرت هذه الحياة كلها، شعرت بالسعادة التي كنت أبحث عنها، ثم ختم الله لي خاتمة حسنة، وهأنذا اليوم يغفر الله لي ما مضى، لعلنا نتعانق تحت ظل عرشه جل وعلا.

أسأل الله تبارك وتعالى أن يجمعني وإياك تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.