للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بداية الفتور ونماذج من أهل الهمم]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة السلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه.

وبعد:

أيها الإخوة: الموضوع كما سمعتم هو: فتور داعية، قصة رجل كان يوماً من الأيام يدعو في الناس، ويتكلم ويخطب، وكان يذكر في المجالس، ما كان يوماً من الأيام يدعو أهله وزوجته وأمه وأبناءه، بل كان في بداية التزامه لا يمر في الشارع أو في السوق ويرى منكراً إلا وتكلم وينصح ويذكر.

كان لا يرضى أن يجلس مجلساً وفيه منكر، بل يتمعر وجهه إلا إذا تكلم.

كان يوماً من الأيام يوزع الأشرطة على الناس التي فيها الخير والذكر، ويوزع الأوراق، وينصح، ويطرق الأبواب، ويدعو الناس إلى الصلاة، لسان حاله كان يقول: {يا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ} [غافر:٤١].

قصة هذا الرجل الذي بدأ يفتر ويضعف، بدأ لا يشعر بالمسئولية، بدأ لا يهتم، تذكره الساعة والساعتين، وكأن هموم الأمة وهموم الدعوة لا تعنيه، بل كأنك لا تكلم إنساناً يشعر أو فيه قلب، يقول الله عز وجل: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} [الأحزاب:٧٢].

إن سألته عن هدفه في هذه الحياة تجده لا يدري لماذا يعيش ولا يعرف.

يجلس المجالس بالساعات الطوال، لا هم له إلا أن يشرب الشاي والقهوة، ويأكل الطعام، ويتحدث عن فلان وفلان، لا يبالي بأحوال الأمة، ولا بهموم الدعوة.