للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التقصير في العبادة وقراءة القرآن]

لعل السبب أنك كنت تدعو إلى الله، وقصرت في عبادة الله، لعلك يوماً من الأيام، كنت تدعو إلى الله، ونسيت نفسك، فلم تكن تقرأ القرآن، ولا تذكر الله، ولا تقوم الليل، ولا تصوم النهار، ولا تخشع في الصلاة، نسيت نفسك يا عبد الله.

عبد الله: يقول عليه الصلاة والسلام: (الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب) رواه الترمذي، كالبيت الخرب، يدعو إلى الله ولا يقرأ القرآن، قال بعضهم عن سفيان الثوري: كان إذا أصبح يرفع رجله على الحائط -تخيل هذا الرجل، يرفع رجله على الحائط، أتعرف لماذا؟ - حتى يرجع الدم إلى رأسه من قيام الليل، كان إذا قام الليل ينزل الدم إلى قدميه حتى إذا أصبح رفع رجليه على الحائط حتى يعود الدم إلى رأسه من شدة قيام الليل، يقول عنه شجاع بن الوليد: كنت أخرج مع سفيان الثوري، فما كان لسانه يفتر عن ذكر الله، أو الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر، ذاهباً وراجعاً.

خلا في الليل، فقال لصاحبه: ائتنا بماء الوضوء، يقول: فصببت له ماء الوضوء، يقول: فقربته إليه ونمت، يقول: ففي الصباح نظرت إليه واضعاً يده اليمنى على خده الأيمن، فسألته ما بالك رحمك الله؟

قال: منذ أن قربت إليَّ الماء، وأنا على حالي هذه، من أول الليل إلى الفجر.

قال: ما شأنك؟

قال: أتفكر في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.

من أول الليل، إلى طلوع الفجر!

وكان رحمه الله يصارع الطغاة، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، يخبئ كراريسه في الأرض ويدفنها خشية أن تسرق، ويدرس تلاميذه في الخفاء، ويجاهد في سبيل الله، ويدعو إلى الله، لكنه إذا خلا في الليل قام لله مصلياً.