للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كن من الأوابين]

أخي العزيز: لا تكثر على نفسك الذنوب والمعاصي، فإن الله عزَّ وجلَّ في كل يومٍ وليلة يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، وفي النهار ليتوب مسيء الليل، فلماذا تعرض؟

ألا تعلم أن الله في كل ليلة ينزل إلى السماء الدنيا ينادي: (هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفرٍ فأغفر له؟ هل من تائبٍ فأتوب عليه؟) (الله أرحم بعباده من الوالدة بولدها) قد يشغل قلبك أمرٌ طالما أخبر به الكثير من الناس، تقول: أذنب فأتوب ثم أرجع فأذنب ماذا أفعل؟

أتى أ، اس إلى الحسن البصري فقاقوا له: يا أبا سعيد! إننا نرى في أنفسنا أننا نتوب ثم نعاود الذنب، ثم نتوب ثم نعاود الذنب، فقال الحسن رحمه الله: ود الشيطان لو ظفر منكم بهذه، ثم قال: إذا عاودتم الذنب فعاودوا التوبة، فإن الله لا يمل حتى تملوا: {فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً} [الإسراء:٢٥] الأوابون: الذين إذا تابوا ثم عادوا وعصوا، ثم يتوبون، ثم يعودون يعصون ثم يتوبون: {فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً} [الاسراء:٢٥].

ما أرحم الله! وما أجوده وما أكرمه! حقاً إنه رحيمٌ غفور ودود يتقرب إلى عباده، فوالله لو تقربت إليه ذراعاً لتقرب إليك باعاً، وإذا أتيته تمشي لأتاك هرولة.

ما أرحم الله! دمعة واحدة، تتوضأ، فتحسن الوضوء، فتقوم فتصلي ركعتين لا تحدث بهما نفسك، ثم تتوب من ذنبك، يغفر الله لك ما تقدم من ذنبك.

ما أرحم الله! لا تقل: أسرفت وأذنبت وفعلت، فإن الله أرحم منك؛ بل أرحم من الوالدة بولدها.