للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية تعجيل الزواج والإنجاب]

أختي الفاضلة: إياك إياك أن تؤخري الزواج! يا من تستمعين إلي في هذا الحديث! إياك إياك أن تؤخري الزواج بحجة الدراسة، أو الوظيفة، أو إكمال الدراسة العليا! تقول: أريد أن أحصل على شهادة جامعية، أو على الماجستير، أو على الدكتوراه، ثم ماذا بعد هذا يا أختي الفاضلة؟! كم من الطبيبات اللواتي فاتهن قطار الزواج من تتمنى أن تسمع من يناديها ويقول لها: يا أمي، أو من تناديها فتقول لها: يا أماه تقول بعض الطبيبات: خذوا شهادتي، خذوا كل مراكزي وأعطوني بنتاً أو ولداً يقول لي: يا أماه.

فإن هذا الصوت أغلى عندي من كل الشهادات.

والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) بعض النساء -هداهن الله- إذا جاءها زوج فإنها تعجزه بالمهور، وتقول: أريد مائة ألف، أو ستين ألفاً، أو سبعين ألفاً، لم كل هذا التعجيز؟! والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (أكثرهن بركة أقلهن مهراً)! أي أنه كلما تزوجت المرأة بمهر قليل، كلما كانت بركتها أكثر من غيرها، وكلما ارتفعت المهور كلما قلت البركة.

فيا أمة الله: عليك بتسهيل الشروط، وعليك بالقبول بالصالحين، وعليك بالاستعجال بالزواج؛ فإنه آمن لك وآمن لبناتك أنا أعلم أن بعض الآباء هو السبب، وأن بعض الآباء هو المجرم في منع ابنته من الزواج بالصالحين، فكلما جاءه صالح رده، فهذا يرده لأجل فقره، وهذا يرده لأجل وظيفته، والثالث يرده لأجل فصله وأصله، والرابع يرده لأجل كذا وكذا، حتى أجلس البنت في بيتها مسكينة سجينة الجدران لا تعرف ما مصيرها بدأ الشيب يدب في رأسها، ابتعد عنها الخاطبون، وقلَّ الطارقون لبابها، وانصرف الناس عنها، ودبَّ فيها الوهن، وكبرت سنها، ونظرت إلى أبيها ولسان حالها يقول كما قالت تلك الفتاة وهي تخاطب أباها الذي كان سبباً في عنوستها وبقائها في بيتها وأنا أرجو أن نسمع هذا الشعر -إن كان قد سجل- أرجو أن نسمعه أولئك الآباء، الذين أجرموا في حقوق بناتهم.

يقال: إن امرأة بعد أن ضاع عليها عمرها، وشاب شعرها، وبلغ بها الكبر عتياً، واشتعل رأسها شيباً، أصابها المرض، ثم انطرحت على الفراش، فجاء أبوها عند رأسها، فقالت البنت لأبيها الذي كان السبب في حرمانها من الزواج، قالت: يا أبي قل آمين.

قال: آمين.

قالت: قل آمين.

قال: آمين.

قالت: أسأل الله أن يحرمك الجنة كما حرمتني من الزواج.

اسمعن يا أخواتنا الكريمات إلى هذه التي تعتصر ألماً، تكتب هذه الرسالة إلى أبيها، وأرجو أن نسمع هذه الرسالة كل أب ظالم، وكل أب منع ابنته من الزواج، وحجر عنها الصالحين، تقول البنت المسكينة:

لما كتبت رسالتي ببناني والدمع مذراف من العينانِ

أرسلتها للوالد الغالي الذي قد ضمني برعاية وحنانِ

أرسلتها وودت أني لم أقل لكن تلهب خاطري وكياني

أرسلتها والدمع خط مدادها وكتبتها من واقعي الحيرانِ

فلقد كتمت من الهموم ولم يزل متفطراً قلبي من الكتمانِ

لما رأيت مفارقي قد أضرمت بالشيب إن الشيب كالنيرانِ

يا والدي لا تحرمن شبيبتي فلقد مضى عمر من الأحزانِ

لما أرى الأطفال تذرف دمعتي ويئن قلبي من لظى الحرمانِ

لما أرى غيري تعيش وزوجها وبنيها قد نام في الأحضان

لما أراها والحنان مع ابنها ينتابني شيء يدك جناني

يا والدي لا تقتلني بالأسى قتلاً بغير مهند وسنانِ

يا والدي قد سن ربي هكذا لا بد من زوج ومن ولدانِ

هذا قضاء الله حكم عادل قد سنه ربي على الإنسانِ

إن كنت تبغي راتبي ووظيفتي فخذ الذي تبغي بلا أثمانِ

إن كنت تبغي بيع بنتك للذي دفع الكثير فذاك أمر ثانِ

هذا ورب البيت بيع كاسد بيعي كبيع الشاة والخرفانِ

أبتاه حسبك لا تضع مستقبلي أو ما كفى ما ضاع من أزمانِ

إن لم تزل لم تلتفت لرسالتي فاعلم بأن الله لن ينساني

يوم القيامة نلتقي لحسابنا عند الإله الواحد الديانِ

وأتت جهنم والملائك حولها وعلاك ألسنة من النيرانِ

فهناك تعلم حق كل بنية سجنت بلا حق ورا القضبانِ

أختي الكريمة: أسرعي وبادري بالزواج، ولا تقولي: هذا طويل وهذا قصير، وهذا مستواه المادي قليل، وهذا لا يستطيع أن يعطيني المهر الكثير، وهذا وهذا (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض).

وختاماً: أدعوك يا أمة الله إلى التوبة إلى الله جل وعلا، والرجوع إليه، والاستغفار من الذنوب والخطايا، والاستعداد ليوم لا مرد له ولا رجوع بعده إلى هذه الدنيا {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً} [آل عمران:٣٠].

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد.