للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية وجود الجرأة عند الداعية]

السؤال

ما أهمية الجرأة بالنسبة للداعية؟

الجواب

أظن ذكرنا أمثلة من الواقع ولعلكم انتبهتم، وهذا ما يحصل يا إخوان هذه الأيام، يستحي الواحد منا أن يقوم في المسجد، ولا يقدر أن يتكلم في السوق، ولو رأى متبرجة وهو يطلب منها حاجة في الوزارة مثلاً كتوقيع أو معاملة -ولنكن صريحين- وهو من أجرأ الناس، لكن أن ينصحها في دينها فهو من أخجل الناس، وهذه مصيبة، وهذا تناقض، يعني: الأمر أنك تستطيع أن تتكلم، وعندك القدرة؛ لكن تحتاج إلى جرأة، لكي تتكلم في مجلس ديوانية، الجماعة مثلاً عندهم ديوانية، فتكلم كل الناس إلا أنت، وحتى أنت تتكلم في أي أمر إلا في الدين، وهذا واقع أكثر الملتزمين هذه الأيام، حتى جلس بعضهم في مجلس فتكلم أحد السفهاء، وكان فيهم رجل علم، فقال له رجل: اسكت، غيرك أولى منك، فسكت، فمضت دقيقة أو دقيقتان ولم يتكلم أحد، فتكلم السفيه مرة أخرى، فقال له رجل: اسكت غيرك أولى منك، فسكت، ثم تكلم الثالثة بعد فترة فقال له: اسكت، قال: لا تسكتني، ليس العيب مني بل منهم، لو كان فيهم رجل لتكلم.

نعم.

والله مصيبة، انظر في المجالس عماذا يتكلمون؟ يتكلمون عن أتفه الأشياء، عن السيارات، عن الجرائد، عن الديوانيات، عن الأموال، عن كل شيء، أما رجل يتكلم عن الدين، عن الربا، عن الصلاة، عن أمور في الإيمانيات فهذا نادر جداً، واقع لكنه قليل جداً.

هذه الجرأة نحتاجها كثيراً، هل جرب أحدنا في المحاضرة في الجامعة -لو كان في الجامعة- أن يقوم ويتكلم، ويدعو النساء، وينصحهن بارتداء الحجاب، ويعطيهن شريطاً؟ وهذا سهل جداً، يحتاج الأمر منك في البداية إلى صعوبة، ثم في المرة الثانية هو حاجز رقيق جداً إن كسرته ستبدأ تنطلق، اسأل الذين يتكلمون في المساجد كالخطباء، اسأل أحدهم عن أول مرة جرب الخطبة، يقول: صعب، المرة الثانية؟ سهلة جداً، بل أخذ ينطلق بعدها بكل يسر وسهولة، هي المرة الأولى فقط، وينتهي الخجل بعدها.

فالأمر يحتاج إلى جرأة، ثم بعدها يوفق الله عز وجل، هذه هي الجرأة، وإن قلنا الخطب عن هذا الواقع فأظن تعرفون كيف يكون تطبيقه في الواقع، كما قال الله عز وجل {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام:٥٥] يعرف الإنسان أعداءه، لأن هذه -والله- فائدة يا إخوان، لو أن الإنسان منا يشعر أن هناك أعداء علمانيين وروافض ويساريين وأعداء من الفجرة الشهوانيين وغير ذلك، لو يحس أن الأمر فيه أعداء -والله- يتشجع الإنسان، لكنه لو يحس أن الأمر يسير، ناس ملتزمون، وناس عوام، وناس فجرة، وناس فسقة؛ لكن لو يحس أن الأمر فيه أعداء فسيجتهد في الدين، لا بد أن نعرف أن هناك أعداء ونعرف الخطط وندرسها ونواجهها، أما أن الإنسان هكذا لا يعرف شيئاًَ فهذه المصيبة.

ولعل عندكم من طلبة العلم من هو أعرف مني في هذه الأمور.