للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من صفات المؤمنين]

إن المؤمن حقاً هو الذي يركض إلى المنكرات ويسعى إليها ليغيرها، قال الله جل وعلا: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} [يس:٢٠] من أبعد مكان في المدينة هل يركب حماراً أو دابة أو سيارة أو طائرة؟ لا والله، بل يركض على رجليه، هل تعرفون لماذا؟ لأن هناك منكراً قد أصاب الناس ووقعوا فيه {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} [يس:٢٠] يا قوم! ما لي أراكم لا تصلون يا قوم! ما لي أراكم تأكلون الربا، وتنتهكون الحرمات يا قوم! ما لي أراكم تعرضون عن الذكر وعن الأذان والصلاة! {يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [يس:٢٠ - ٢١] ثم بعد هذه النصائح قتلوه؛ لأنه أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وبعض الأحيان يضرب ويقتل الدعاة، ويسفهون، ويسجنون، والداعية لا يبالي بالعواقب، إنما يبالي إن أمر بمعروف أو نهى عن منكر.

فلما قتل انظر ماذا حصل له؟ بعثه الله، فماذا قال؟ {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} [يس:٢٦] لا يزال يفكر في قومه، ويهتم بهم {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} [يس:٢٦ - ٢٧].

يا ليتهم يعلمون بالمغفرة وبالإكرام فيؤمنون مثلما آمنت، ويسلمون مثلما أسلمت، ويستجيبون لله كما استجبت لا يزال يفكر في قومه وإن قتلوه.

إن كثيراً من الناس في هذا الزمان إن قلت له: يا فلان! أراك رجلاً صالحاً لكنك لا تأمر بالمعروف ولا تنهى عن المنكر! يقول: السلامة السلامة السلامة السلامة، ولا خير من العافية، أجلس في البيت وآكل وأشرب، وأصلي وأسجد وأركع، والحمد لله على العافية.