للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قرناء السوء وخطرهم]

اسمعوا إلى هذا الرجل الذي كان يصلي، وكان مع الصالحين، ولكن ضعفت نفسه، وفتر إيمانه، وقل دينه، فصار لا يحافظ إلا على الصلاة، ويرتكب كثيراً من المعاصي والذنوب، انظر كيف مكر فمكر الله به، جلس يوماً مع أصحابه أصحاب السوء، فقالوا له: يا فلان! ما رأيك أن نذهب إلى بلاد كذا؟ قال: معاذ الله! ولا زال في القلب دينٌ وإيمان، قال: معاذ الله لا أذهب معكم، فلا زالوا به يراودونه، يا فلان! تعال معنا ولا تفعل شيئاً من الحرام، تعال وتمتع ولا ترتكب شيئاً من الإثم، قال: لا لن أذهب معكم، فلا زالوا به -أصحاب السوء- حتى أقنعوه بأن يسافر معهم.

{وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [لقمان:٣٣] غره بالله الشيطان، فسافر إلى تلك البلاد، فكان في كل ليلة يذهب أصحابه يسهرون على الحرام والخمر والنساء، ومعاقرة الحرام، وكان يمكث في غرفته لوحده، ولا يخرج معهم، ولا يرتكب الحرام معهم، فتقاسموا بينهم، ومكروا مكراً، وقالوا: فلان لا يرتكب الحرام معنا لا بد أن نوقعه معنا في الحرام.

كيف؟

سوف نأتيه بعاهرة داعرة إلى غرفته؛ انظر لأصحاب السوء؛ قال الله تعالى: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} [الكهف:٢٨] الله عز وجل يقول لك: لا تطع أولئك النفر الذين همهم الدنيا، وغايتهم الحرام، ويجلسون على الحرام، ويمسون عليه، ويقومون عليه، مجالسهم التلفاز والستلايت، والأفلام والمسلسلات، أحاديثهم عن النساء، وعن الفحش والبذاءة، غايتهم في الدنيا الحرام والمعاصي والذنوب، لا تطعهم ولا تجالسهم ولا تصاحبهم، لا تصاحب إلا مؤمناً، لكنه -للأسف- استرسل معهم.

جاءوه في تلك الليلة الحمراء، في ذلك اليوم المشئوم، فدخلوا عليه، وأدخلوا عليه العاهرة الداعرة، وأغروها بمال أن تراوده على نفسها، ثم أغلقوا الباب عليه، فلا زال يردها وتراوده، ويدفعها وتغريه، ويمتنع وتشهيه، فإذا به في لحظة ضعف {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [القلم:٤٤ - ٤٥] وفي لحظة ضعف وقع عليها فزنى بها، فلما زنى فإذا بالطارق يدخل غرفته واستل روحه، وقبض الله روحه، يبعث على ما مات عليه {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [العنكبوت:٥٧].