للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[حكم تارك الصلاة]

السؤال

ما الحكم في من يخشون على أنفسهم المرض وهم يصلون، ولكن يصلون في البيت، وأيضاً ما حكم بعض الشباب الذين يتركون الصلوات تركاً كلياً؟

الجواب

يا أيها الأخ الكريم: الموضوع كان (البشارة العظيمة) انتبه! وقف معي! كم سنة سوف نعيش في الدنيا؟

متوسط الناس: الستين أو السبعين، أكثرهم ستين سنة.

أخي الكريم: أول عشر سنوات ذهبت من عمرك طفولة، ما تدري عنها شيئاً.

وآخر عشر سنوات شيخوخة، تنتقل من مستشفى إلى آخر، هذا أغلب الناس.

يبقى لك أربعون سنة يا عبد الله! إن كنت من أقل الناس نوماً فإنك ربع اليوم تنام، ست ساعات في اليوم الواحد.

فعشر سنوات ذهبت في النوم.

بقيت لك ثلاثون سنة، الثلاثون سنة هذه يا عبد الله بين نعيم وبؤس، وبين سعادة وشقاء.

هذه الدنيا يا عبد الله! {لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد:٤] الصالح وغير الصالح، كل الناس في كبد، كل الناس يغدو، حتى ولو كان جالساً في البيت ويأتيه المال، لا بد أن يتعس، حتى أهل الملايين يشقَون في هذه الدنيا.

عبد الله! هذه الثلاثون سنة التي سوف تعيشها -بعد أن حسبناها- هل تقدَّر بوقوفك عند الله خمسين ألف سنة؟! {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ} [المعارج:٤] اضربها في ألف! لو تعيش ألف سنة فما لها من قيمة أمام خمسون ألفاً ستقفها!

وكيف تقف؟! تقف حافي القدمين، والشمس على الرأس قدر ميل، والعرق يتصبب، ومنهم من يصل العرق إلى فمه، ومنهم من يلجمه العرق، هل تتَخَيَّلْ هذا يا عبد الله؟! هذا الرجل الذي وقف هذه الوقفة خمسين ألف سنة ماذا بعدها؟!

يذهبون إلى الأنبياء يشفعون لهم، حتى إن الكفار يقولون: يقضي بيننا الله بأي شيء! مللنا من الوقوف خمسين ألف سنة! فيقضي بهم الله جل وعلا، ولكن إلى أين؟ يأتي به الرب فينظر إليه، فأول ما يحاسَب به الصلاة، وهذا للمصلين، أما غير المصلين فقد انتهى أمرهم، فإنهم يحشرون مع فرعون وهامان وأمية بن خلف وصناديد الكفر.

هذا الذي لا يصلي؛ لأنه كافر بالله العظيم، هذا لا يحشر مع المؤمنين أصلاً.

أما المؤمنون فإنهم يأتون إلى الله جل وعلا، فأول ما يحاسب الله المؤمنين عن صلاتهم، ينظر كيف هي، خشوع، خضوع، أوقاتها، أركانها، واجباتها، فإن صَلُحَت الصلاة -أتَمَّها- صلح سائر العمل، أبشر! أبشر! يُتجاوز عنك فيما هو غير الصلاة.

وإن فَسَدَت صلاته -أعوذ بالله- مثل أن يصلي الفجر بعد شروق الشمس، والعصر ينقرها قبل المغرب، والمغرب ما يتذكر إلا قبل العشاء، ويجمع فيها صلاتان أو ثلاث، وإن فَسَدَت صلاته فَسَدَ سائر عمله، حتى قال عليه الصلاة والسلام -اسمع إلى هذا الحديث-: (فمن سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له -كيف تلقى الله جل وعلا بهذا الحديث- فلا صلاة له إلا بعذر من خوف أو مرض) حربٌ لا يستطيع أحد أن يخرج من البيت، أو مرض، ورجلٌ كبير في السن أُسْقِط في الفراش، أو مريض لا يستطيع الذهاب إلى المسجد، هذا معذور، أما غيره فلا يُعذر.

أراك تذهب إلى العمل وتسرع إلى المطاعم والمشارب، بل بعضهم يركض كل ليلة، ولكن يسمع النداء فلا يجيب، والله جل وعلا يقول: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة:٤٣].

ثانياً: تَخَيَّلْ يا عبد الله! أنك تصلي في البيت سبعاً وعشرين سنة وحالك كمن صلى في المسجد سنة واحدة؛ لأنها بسبع وعشرين درجة.

عبد الله! الأمر ليس فيه مقارنة.

عبد الله! أنت إذا صليت في الجماعة اسمع إلى ما يكتب لك من أجر: (كل خطوة تأتيها من البيت إلى المسجد يكتب الله لك بها حسنة أو يحط بها عنك خطيئة) أما الذي يصلي في البيت أيُّ فضل؟ وأيُّ أجر؟ وأيُّ فضيلة يحصل عليها؟

فالله الله بالصلاة على وقتها، والله جل علا يقول: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً} [مريم:٥٩].

حافظ يا أخي الكريم على الصلوات، فهي عمود الإسلام، اجتهد في أمر صلاتك، لا تترخص فيها، حتى قال عمر: [أيها الناس لا حَظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة] هذا لا ينتمي إلى الإسلام هذا ولا يجب أن يَنْتَمي للمسلمين.

بل قال ابن مسعود: [لقد رأيتُنا -أي: في صلاة الجماعة- وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق] كان عندهم الذي يتخلف عن صلاة الجماعة منافق معلوم النفاق.

فالله الله في صلاة الجماعة يا عباد الله؛ حتى يُنال بها سنة نبيكم عليه الصلاة والسلام.