للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أسباب عدم استجابة الدعاء]

السؤال

نحن نقوم الليل وندعو فلا يُستجاب، فما هو السبب؟ وما هو أفضل وقتٍ للقيام؟ وكذلك هنا حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (من صلى العشاء في جماعة أو التزم في الجماعة فكأنما قام الليل كله) فما رأيك: هل هذا يغني عن القيام أم لا؟

الجواب

لو كان يغني عن القيام لأغنى محمداً عليه الصلاة والسلام وأصحابه الذين بلغوا المنازل العليا وبعضهم بشر بالجنة، وما أغناه هذا عن القيام، هذا كأنما قام الليل كله في الأجر فقط، فالذي يصلي العشاء والفجر في جماعة ليس كالذي قام الليل معهما.

ثانياً: يا عبد الله! بالنسبة للدعاء، لماذا ندعو ولا يستجاب لنا؟ أسباب كثيرة:

منها: فتش مطعمك ومشربك وملبسك هل يدخله حرام ربا، رشوة، غش، خداع، سهم من شركات ربوية، أخذ أموالٍ بالكذب والخداع والتزوير، والظلم وقهر الناس؟ سل نفسك! هل هناك شيء من الحرام؟

إن كان هناك شيء من الحرام يحول الله بينك وبين الإجابة، وذكر: (الرجل يطيل السفر أشعث أغبر قال: يرفع يديه) تخيل مسافر والمسافر يستجاب له، أشعث أغبر، حاله رثة أحرى أن يستجيب له، يقول: يا رب! {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:١٨٠] ويرفع يديه -وهذا أدب من آداب الدعاء- ويقول: (يا رب! يا رب! -فيقول عنه النبي صلى الله عليه وسلم-: ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنَّى يستجاب له؟) كيف يستجيب الله لهذا؟ قال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي} [البقرة:١٨٦] إجابة بإجابة، تريد أن يستجيب الله لك استجب لله جل وعلا، بعض الناس أمواله كلها في البنوك الربوية، ثم يقول: أنا أدعو ولا يستجيب الله لي، وكيف يستجيب الله لك؟! وقد يستجيب الله لك فتنةً واستدراجاً من الله جل وعلا.

سبب آخر لعدم إجابة الدعاء: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: (لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً ثم تدعونه فلا يُستجاب لكم).

ثالثاً: من أسباب عدم إجابة الدعاء: الاستعجال (يستجاب لأحدكم ما لم يستعجل، قالوا: وما يستعجل يا رسول الله؟ قال: يقول دعوت فلم يستجب لي) دعا أسبوعين أو ثلاثة قال: ما استجاب الله لي، ما يدريك يا عبد الله! الله يحبك ليس شيءٌ أكرم على الله من الدعاء.

ومن الأدعية المستجابة: دعاء المظلوم واسمع إلى هذه المرأة كما ذكر هذه القصة الذهبي في الكبائر قال: كان عندها كوخ بقرب قصرٍ لملك، وكانت العجوز ليس عندها أحد إلا الله، تخرج كل صباح تبحث عن لقمة عيشها، فتأتي آخر النهار إلى الكوخ لتجلس إلى اليوم الثاني وتذهب تطلب لقمة العيش عجوز مسكينة في كوخٍ صغير بجانب قصرٍ شاهقٍ عظيم لملك، وفي يوم من الأيام خرج هذا الملك يتجول في فناء القصر مع الحرس والجنود، فنظر إلى فخامة القصر -متمتع الآن بجمال هذا القصر- ثم نظر إلى كوخٍ بالقرب من قصره، فقال للجنود: ما هذا؟ قالوا: كوخٌ لامرأة عجوز، قال: لقد شوه منظر القصر أزيلوه اهدموه، فذهب الجنود وذهب العسكر إلى ذلك الكوخ، ورجعت العجوز إلى بيتها آخر النهار فرأت ما حل به، ليس عندها أحدٌ إلا الله، فرفعت يديها وهي تبكي وتقول: اللهم إن كنت غائبة فأين أنت؟! فرفع الله القصر وقلبه على أهله، في لحظات خسف الله به الأرض وبداره، فانظر خطورة دعاء المظلوم.

إياك أن تظلم أحداً وإن كان كافراً، فإن رفع يديه فليس بين دعائه وبين الله حجاب، يستجيب الله له، وفي بعض الروايات قال: (وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين).

تحرى -يا عبد الله- أوقات الدعاء المستجاب، ومنه: آخر الليل، (وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد).