للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بسر بن أرطأة وموقفه مع النصارى]

هل سمعتم برجل اسمه بسر بن أرطأة؟ إليكم خبره، وقد لا تصدقون، ولكن هي الحقيقة هذا الرجل كان قائداً على سرية، وكانت السرية في مؤخرة الجيش، وكانت تصاب بالسهام من الأعداء ولا يدري من أين تأتيهم السهام، كلما رجعوا ما وجدوا شيئاً، وتتقدم السرية وكل فترة تصاب بالسهام ولا يدري من أين تأتيهم، فإذا به يقول لأصحابه: تقدموا ودعوني، ويتخلف ويتخفى، ويبحث في الشعاب، وفي الوديان لوحده، فإذا به يرى بين الشعاب كنيسة، وعندها براذين -أي: بغال ضخمة- وخيول، فعلم أنها لفرسان فماذا صنع؟ تخفى، وجاء إلى الباب وفتحه ودخل وهم لا يدرون ولا يشعرون، وأغلق الباب وهو لوحده، وبدأ يصارعهم لوحده، ولم يصلوا إلى رماحهم وسهامهم حتى قتل منهم ثلاثة، فلما وصلوا نشبت بينه وبينهم معركة، وأصحابه كانوا على إثره، كانوا خلفه، علموا أنه سوف يحدث أمراً فلما علموا أنه دخل وأنه بدأ يقاتلهم دخلوا خلفه، فلما دخلوا وجدوه مثخناً بالجراح ولم يمت، وكانوا قد شقوا بطنه فوضع يده على الجرح فلم ينزف الدم كثيراً، فدخل أصحابه وقتلوا من قتلوا، وأسروا من أسروا، فلما أسروا من أسروا قال الأعداء للمسلمين: من هذا؟ قالوا: لم تسألون؟ قالوا: مثل هذا لم تلد النساء، مثل هذا لم تلد النساء، مثل هذا لم تلد النساء!! إنه بشر بن أرطأة {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران:١٤٦].