للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الصراط]

وبعد هذه الأحوال والأهوال من نجا من كل ذلك فإن أمامه عقبة الصراط.

روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يضرب الصراط على متن جهنم، فأكون أنا وأمتي أول من يجيزها، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل، ودعوى الرسل يومئذٍ: اللهم سلم سلم).

الرسل الذين اصطفاهم الله عز وجل، والذين رباهم على عينه واصطنعهم لنفسه، والذين قاموا بما أرسلهم الله عز وجل به حق القيام، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل من هول هذا الموقف ومن خطر هذا الموقف، ومع هذا الرسل أنفسهم يقولون: اللهم سلم سلم.

وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان، قال صلى الله عليه وسلم: (هل رأيتم السعدان؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: فإنها مثل شوك السعدان غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله عز وجل، تخطف الناس بأعمالهم)، أي: هذه خطاطيف تخرج من النار، وتتخطف الناس من ظهر الصراط بأعمالهم.

فالذي يقع في ذنب من الذنوب ألا يخشى أن يخطف بهذا الذنب من على الصراط فيكردس في نار جهنم؟ والعياذ بالله! فهذه الكلاليب تختطف الناس بأعمالهم، فمنهم الموبق، ومنهم المكردس، ومنهم الناجي.

وفي الصحيح كذلك من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثم يؤتى بالجسر فيوضع على ظهر جهنم، قالوا: يا رسول الله، وما الجسر؟ قال: مدحضة مزلة عليه خطاطيف وكلاليب تكون بنجد فيها شويكة يقال لها: السعدان، تخطف الناس بأعمالهم، فناج مسلم، وناج مخدوش، ومكردس في نار جهنم، ويكون آخرهم يتلبط على بطنه، وتعلق يد فيجرها، وتعلق رجل فيجرها، فإذا نجا من الصراط قال: رب لم أبطأت بي؟ فيقول: إني لم أبطئ بك، ولكن أبطأ بك عملك).

ويقول أبو سعيد رضي الله عنه: بلغنا أن الصراط أدق من الشعر، وأحد من السيف.

فهذا صحابي يقول: بلغنا، والذي بلغه هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

والمسلم يمر على الصراط بحسب الطاقة التي اكتسبها في الدنيا من الإيمان والعمل الصالح، ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كأجاويد الخيل، ومنهم من يمر كشد الرجل، أي: إسراع الرجل في المشي، ومنهم من يتلبط على بطنه بحسب إيمانه، وبحسب عمله الصالح.

اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى عن الناس.

اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أبداً ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا.

اللهم إنا نسألك أن تقضي ديون المسلمين اللهم فك أسرى المسلمين اللهم اشف مرضى المسلمين اللهم رد غائب المسلمين اللهم ارحم موتى المسلمين.

اللهم إنا نسألك أن تعز الإسلام والمسلمين، وأن تذل الكفر والكافرين اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بعز فاجعل عز الإسلام على يديه، ومن أرادنا والإسلام والمسلمين بكيد فكده يا رب العالمين! ورد كيده إلى نحره، واجعل تدبيره في تدميره، واجعل الدائرة تدور عليه.

اللهم هيئ لهذه الأمة أمر رشد، يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر.

اللهم ارفع عن بلاد المسلمين الغلاء والوباء والربا والزنا، وردهم إليك رداً جميلاً.

وصلى الله وسلم وبارك على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.