للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العزيمة على الرشد]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا كنز الناس الذهب والفضة فاكنزوا هؤلاء الكلمات: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك قلباً سليماً، وأسألك لساناً صادقاً، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم، إنك أنت علام الغيوب).

تكلمنا عن الثبات في الأمر، فما هي العزيمة على الرشد؟ العزيمة هي القصد الجازم والإرادة الجازمة على الرشد، والرشد هو طاعة الله عز وجل وطاعة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فقد غوى) فالرشد طاعة الله عز وجل وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.

وقال عز وجل: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} [الحجرات:٧] وعكس الرشد عباد الله! هو الغي، فالرشد أن تعلم الحق وأن تقوم به، وأن تعمل به، وأن يكون عندك عزيمة على العمل بالرشد، والغي أن تعرف الحق الحق ولكنك لا تفعل الحق وتقصد غيره.

أما الضلال فأنت لا تهتدي إلى الحق ولا تعرف الحق أصلاً.

فالرشد هو أن تعرف الحق وتعمل به، والغي أن تعرف الحق ولا تعمل به، والضلال ألا تعرف الحق أصلاً.

فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم يأمرنا أن نسأل الله عز وجل الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، أي: العزم الجازم على طاعة الله عز وجل وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.

والعزيمة على الرشد عزيمتان: عزيمة في البدايات، وعزيمة في النهايات.

أما عزيمة البداية فأن يعزم العبد على الرشد فيترك الكفر إلى الإيمان، أو يترك المعصية إلى التوبة والمداومة على طاعة الرحمن عز وجل.

أما النوع الثاني من العزيمة على الرشد: أن يعزم أن يترقى من حال كامل إلى حال أكمل، فهو دائماً عازم على الرشد، عازم على أن يزداد طاعة لله عز وجل واستجابة لأمر الله عز وجل وأمر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

فهذه عزيمة النهايات، وإذا عزم العبد على ترك المعاصي أتته الفتوح من الله عز وجل، وأتته الإمدادات من الله عز وجل، وأتاه العون من الله عز وجل على قدر عزيمته.

على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم فينبغي على العبد أن يعزم على طاعة الله عز وجل، وأن يكون له منهجاً تربوياً يترقى به من تلاوة القرآن، ومن قيام الليل، ومن المحافظة على الأذكار وغير ذلك، يترقى من حال كامل إلى حال أكمل، يصطحب معه العزيمة على الرشد يترقى بها في طاعة الله عز وجل.

ومن كنز ربه عز وجل أمن من العدم، ومن لازم الباب أثبت في الخدم، ومن أكثر ذكر الموت أكثر من الندم.

فلابد من العزيمة على الرشد، وأفاضل رسل الله عز وجل جعلهم أولي العزم من الرسل؛ لأن عندهم عزيمة في الدعوة إلى الله عز وجل، وفي القيام بطاعة الله عز وجل، وفي ترك معصية الله عز وجل.