للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سبب نسيان الله عز وجل للعبد ونسيان العبد لنفسه]

من عقوبات الذنوب والمعاصي كذلك عباد الله: أنها تكون سبباً لنسيان الله عز وجل للعبد، ونسيان الله عز وجل للعبد على سبيل المشاكلة والمقابلة، قال عز وجل: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة:٦٧]، فنسيان الله عز وجل للعبد يحمل على أنه لا يحصل له من توفيقه ولا من هدايته، ولا يوفق إلى طاعته، وفي الآخرة لا يقسم له من رحمته، ولا يدخله في جنته، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم:٦٤]، ولكن أطلق ذلك على سبيل المقابلة والمشاكلة.

كذلك: ينسى العبد نفسه، كما قال عز وجل: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [الحشر:١٩]، أي: ينسى العبد أن يقدم لنفسه، وينسى أن يصلح نفسه، والله عز وجل يقول: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس:٩ - ١٠] فهو ينسى أن يزكي نفسه بتوحيد الله وبطاعة الله عز وجل، ويكون حاله كحال من عنده أرض أو ماشية، ولا تصلح له إلا بالتعهد والمتابعة، فينسى ذلك فيهلك ولا بد.

فإذا نسي العبد نفسه فإنه ينسى أن يطيع ربه ويعبد ربه، وينسى أن يتقرب إلى الله، وينسى أن يقدم لحياته، {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور:٤٠].