للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر قصة الملكة بلقيس مع قومها في شأن رسالة سليمان]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

قال الله تعالى: {قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ * قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ * قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ * فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ * ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ * قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ * قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ * فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ * وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ * قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل:٣٢ - ٤٤].

إنها لعزة وقوة عندما تكون الدولة مسلمة، فيخضع الناس للإسلام وتفتح البلاد، ويدخل العباد في دين الله عز وجل، قال تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} [التوبة:٣٦]، فمع وجود الخلافة الإسلامية يلزم الخليفة أن يغزو الناس، وأن يغزو البلاد الكافرة من أجل أن يخضع الكل لله عز وجل، ومن أجل أن يكون الدين كله له سبحانه.

ولما استشارت الملكة قومها في كتاب سليمان قالوا: {نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ} [النمل:٣٣]، وهم بذلك يغترون بقوتهم ويظنون أن هذه الأسباب الأرضية تستطيع أن تواجه أمر الله عز وجل، ولكن المرأة كانت عاقلة، إذ قالت: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً} [النمل:٣٤]، كأنها تقول لهم: لو كان سليمان نبياً لنصره الله عز وجل، ولا بد أن يفتح هذه البلاد، وإن فتح هذه البلاد فإنه لا يخلص الشر إلا إلي ولا يكون الذل إلا علي؛ لأن {الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً} [النمل:٣٤]، ثم قال الله عز وجل: {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} [النمل:٣٤].

وهذه المرأة كانت كافرة، لكن هذا يدلنا على أن الحق يخرج من كل من جاء به كائناً من كان، ثبت في الصحيح أن أبا هريرة رضي الله عنه أمسك بشيطان كان يسرق من تمر الصدقة، وقال: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشكا الفقر وكثرة العيال فتركه أبو هريرة، فتكرر ذلك منه فأصر أبو هريرة أن يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فطلب من أبي هريرة أن يتركه على أن يعلمه شيئاً، فعلمه أن يقرأ آية الكرسي عند نومه، وقال: لا يقربك شيطان، ولا يزال عليك من الله عز وجل حافظ، فلما أخبر أبو هريرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، قال: (صدقك وهو كذوب)، فمن أذكار النوم أن نقرأ آية الكرسي عند النوم، لكن المقصود: هل قال النبي صلى الله عليه وسلم لـ أبي هريرة