للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التقوى هي وصية الله ورسله للأولين والآخرين]

التقوى عباد الله! هي وصية الأولين والآخرين، قال الله عز وجل: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء:١٣١].

فلو كانت هناك خصلة هي أنفع للعباد في العاجل والآجل من تقوى الله عز وجل لأوصاهم الله عز وجل بها، فلما أوصى الله عز وجل الأولين والآخرين بتقوى الله عز وجل، كانت التقوى هي الغاية.

والتقوى كذلك عباد الله! هي وصية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وآله وسلم؛ لما وعظ الناس موعظة بليغة، وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقالوا: يا رسول الله! كأنها موعظة مودع فأوصنا؛ لأن المودع يبلغ الغاية في الوصية، ويجتهد في إخلاصها، فلما أوصاهم وصية بليغة عظيمة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، قالوا: (يا رسول الله! كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال: أوصيكم بتقوى الله عز وجل والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد حبشي).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اتق الله حيثما كنتس، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن).

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (اتق المحارم تكن أعبد الناس).

والتقوى عباد الله! وصية جميع الرسل الكرام لأقوامهم، كما قال عز وجل: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ} [الشعراء:١٠٥ - ١٠٦].

{كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ} [الشعراء:١٢٣ - ١٢٤].

{كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ} [الشعراء:١٤١ - ١٤٢].

{كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ} [الشعراء:١٦٠ - ١٦١].

{كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء:١٧٦] * {إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ} [الشعراء:١٧٧].

والرسل هم أنصح الناس للناس، وهم أعلم الناس بما يصلح الناس، فكل الرسل قد وصوا أقوامهم بتقوى الله عز وجل.

التقوى كذلك هي وصية السلف الصالح رضي الله عنهم، كما قال بعضهم: اتق الله الذي لا بد لك من لقاه، ولا منتهى لك دونه، وهو يملك الدنيا والآخرة.