للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفرق بين التجارة مع الله وتجارات الدنيا]

من الفروق بين التجارة مع الله عز وجل وتجارات الدنيا: أن التجارة مع الله عز وجل لا يمكن أن تخسر بحال من الأحوال، قال تعالى: {يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ} [فاطر:٢٩]، فلا يمكن أن تبور التجارة مع الله عز وجل.

وأما تجارات الدنيا -عباد الله- فقد تربح مرة وتخسر أخرى، وقد تربح مرات وتخسر مرات، فهي عرضة للمكسب والخسارة.

وأما التجارة مع الله عز وجل فهي رابحة دائماً، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم في الدنيا، فإن لم يصيبوا الغنيمة تم لهم أجرهم).

فالمجاهد -عباد الله- ينتظر ثلاثة أمور: ينتظر الربح في الآخرة، وينتظر الغنائم، وينتظر فرحة النصر، فإذا انتصر الجيش المسلم أصاب ثلثي الأجر؛ لأنه ينال فرحة النصر والغنيمة، ويبقى لهم الثلث، فإن لم يصيبوا الغنيمة تم لهم أجرهم في الآخرة، فهم الرابحون على كل حال، وهذا شأن التجارة مع الله عز وجل في الربح دائماً، أما تجارات الدنيا فهي عرضة للمكسب والخسارة.

ومن الفروق كذلك بين التجارة مع الله عز وجل وتجارات الدنيا: أن أرباح التجارة مع الله عز وجل عالية جداً، أما تجارات الدنيا فالربح فيها -إن حصل ربح- محدود، ففي السلعة تربح (١٠%) أو (٢٠%) أو (١٠٠%) أو (٢٠٠%)، فغاية الأمر أن يربح الدرهم درهماً أو درهمين.

وأما التجارة مع الله عز وجل فيقول تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة:٢٦١]، هكذا ربح التجارة مع الله عزوجل في الدنيا، الدرهم فيها يربح (٧٠٠) درهم، ولا يمكن أن توجد مثل هذه التجارة مع غير الله عز وجل.

ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (اقرءوا القرآن فإنكم تؤجرون عليه، أما إني لا أقول: (الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف).

ويقول صلى الله عليه وآله وسلم: (من قرأ: ((قل هو الله أحد)) حتى يختمها عشر مرات بني له قصر في الجنة).

وقال: (من قال: سبحان الله العظيم وبحمده غرست له بها نخلة في الجنة).

قال بعض السلف: بلغنا أن نخل الجنة سوقها من ذهب، وسعفها من حلل، وثمارها أبيض من اللبن، وألين من الزبد، وأحلى من العسل والشهد.

فهذه النخلة عجيبة غريبة في دار القرار فهي تغرس للعبد عندما يحرك لسانه بقوله: سبحان الله العظيم وبحمده.

فانظر إلى مضيع الساعات كم يفوته من النخيل؟! ومن الفروق بين تجارات الدنيا والتجارة مع الله عز وجل كذلك: أن تجارات الدنيا قد يدخلها الغش، فقد تكون عندك سلعة معينة وتدلسها وتروجها فتروج.

أما التجارة مع الله عز وجل فلا يمكن أن يدخلها الغش بحال من الأحوال؛ لأن الله عز وجل خبير بصير، {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر:١٩]، فلا يمكن أن يدخل الغش في التجارة مع الله عز وجل، والتجارة مع الله عز وجل نوع خاص من التجارات، وأكثر الناس يعرفون كيف يتاجرون في الدنيا، وكيف يحصلون الأموال من الحلال أو من الحرام، ولكن القليل منهم من يعرف كيف يتاجر مع الله عز وجل، وكيف يربح مع الله عز وجل أعظم الربح.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.