للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عظمة الخالق سبحانه وقدرته على كل شيء]

تبدأ هذه الآيات الكريمات بقول الله عز وجل: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر:٦٧].

روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (أن حبراً من أحبار اليهود قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا نجد أن الله عز وجل يحمل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والأشجار على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، ويقول: أنا الملك، أنا الملك، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر، ثم تلا قول الله عز وجل: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر:٦٧]).

وروى الإمام مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال (إن الله عز وجل يقبض الأرضين على إصبع، ويطوي السماوات بيمينه، ويقول: أنا الملك، أنا الملك).

وروى الإمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية على المنبر: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر:٦٧] فأخذ بيده- أي: رفع يده- يقبل بها ويدبر، ويقول: يمجد الرب نفسه، يقول: أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الملك، أنا العليم، أنا الكريم)، فهذه الآية عباد الله تبين أن الخلق ما قدروا الله حق قدره.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أُذن لي أن أتحدث عن ملك من ملائكة الله عز وجل من حملة العرش، ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه تخفق الطير خمسمائة عام)، هذا ملك من ملائكة الله من حملة العرش وهم ثمانية، وهم من أشرف الملائكة وأقواها، ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه تخفق الطير خمسمائة عام، فكيف يمكنك يا عبد الله أن تتصور مخلوقاً بهذه العظمة، ما بين شحمة أذنه إلى كتفه تطير الطير خمسمائة عام، لا تستطيع أن تتصور عظمة المخلوق، فكيف بالخالق عز وجل؟ قال تعالى: {وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ * إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ} [يس:٢٨ - ٢٩].

أي: لما قتل مؤمن آل ياسين ما كان يستأهل الأمر أن تنزل ملائكة من السماء، أو ينزل جند من السماء، إنما صاح فيهم جبريل صيحة شديد القوى، فماتوا عن آخرهم، كما أرسل الله عز وجل إلى قوم ثمود الذين كذّبوا صالحاً عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، أرسل عليهم جبريل فصاح فيهم صيحة قطعت قلوبهم في أجوافهم، وأرسل الله عز وجل جبريل عليه السلام على القرى اللوطية فحمل قرى اللوطية إلى السماء على طرف جناحه وقلبها، فجعل عاليها سافلها.