للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم)]

نشير إلى معنى قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة:٣] حتى ندرك فضيلة اليوم التي نزلت فيه، قال بعض أهل العلم في تفسيرها: أكثر المسلمين لم يكونوا قد حجوا حجة الإسلام؛ لأن الحج فرض في العام السادس، وحج أبو بكر ببعض المسلمين في التاسع، وحج النبي عليه الصلاة والسلام ومعه أكثر الصحابة العام العاشر، فبذلك أتموا إسلامهم؛ لأنهم أتوا بالركن الخامس، فقال عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة:٣] فأتموا أركان الإسلام.

ومنها: أن الله عز وجل أعاد الحج على قواعد إبراهيم، ونفى الشرك وأهله، وأبطل ما كانوا يجعلونه من انحراف أو تغيير وتبديل في هذا الحج.

وأيضاً: إن تمام النعمة هو حصول المغفرة، وحصول المغفرة قد وقع في يوم عرفة الذي نزلت فيه هذه الآيات، ومعنى تمام النعمة حصول المغفرة، ويدل على ذلك دلائل كثيرة من كتاب الله عز وجل، منها قوله تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} [الفتح:٢]، وقوله عز وجل: {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ} [المائدة:٦] أي: التطهير من الذنوب هو تمام النعمة.

وقوله عز وجل: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة:٣] هذا عموم يبين أن الكمال وأن المغفرة هي النعمة التي يجد بها الإنسان أعظم الفضل، فيرضى بدين الله عز وجل الذي فيه هذه المنن والفضائل كلها.

ونشير هنا إلى عظمة التشريع الإسلامي وعموم فضل الله عز وجل، فالحج فرض في العمر مرة واحدة تيسيراً، وإن كان فضله عظيماً، وهذا تيسير؛ لأن الإتيان به مكرراً فيه مشقة، فكيف ينال المرء فضيلة ما فيه من الفضل؟ جعل الله عز وجل هذا معمماً للناس عندما فضل هذه العشر كلها، فمن حج أصاب فضيلة الحج، ومن لم يحج فعنده فضيلة العشر؛ لما فيها من تكفير للذنوب، ولما فيها من أعمال صالحة، ومن رجحان فضيلة وأجر الأعمال الصالحة فيها، كما قال القائل: جعل الله عز وجل موسم العشر مشتركاً بين السائرين للحج والقاعدين، فمن عجز عن الحج في عام قد يوفق في العشر على عمل يعمله في بيته يكون أفضل من الجهاد الذي هو أفضل من الحج، وهذه نعمة من الله عز وجل.

ليالي العشر أوقات الإجابة فبادر رغبة تلحق ثوابه ألا لا وقت للعمال فيه ثواب الخير أقرب للإصابة من اوقات الليالي العشر حقاً فشمر واطلبن فيها الإنابة