للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أسلوب العقاب بين الإفراط والتفريط]

السؤال

ما رأيكم في الأسلوب الأمثل لعقاب الطلاب أو زجرهم نتيجة تقصيرهم في دروسهم أو سلوكهم بعدما منع منعاً باتاً العقاب البدني للطلاب بحجة أنه يوغر قلوب الطلاب ويزرع فيهم الكراهية للتعليم والتعلم؟

الجواب

أحد المدرسين -جزاه الله خيراً- أعطاني ملفاً يجمعه لنفسه، يجمع فيه مقالات عن التعليم، وهذا من التجديد والاهتمام في التعليم، حتى يكون بالفعل عنده حيوية، فكان مما رأيت مقابلات صحفية لبعض المدرسين والتربويين، قال: صدر قرار منع العقاب البدني أو الذي يُسمى الضرب كما يقولون في التعبير الواضح أو المباشر، وقرأت هذه القصاصات فلم أر قولاً واحداً منها يؤيد أن يكون هناك إطلاق دائم شامل لمنع العقاب البدني، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (واضربوهم عليها لعشر) فهي وسيلة، لكن عندما يكون هناك خطأ في الأخذ بالوسيلة لا يبرر هذا الخطأ إنكار أثر هذه الوسيلة من الناحية التربوية، وإنما يُقوَّم الخطأ، وتوضع له الضوابط، ومما اشتكى منه هؤلاء المدرسون في هذه اللقاءات التي اطلعت عليها أنهم قالوا -وهذا ليس على إطلاقه-: المدرس إذا لم يكن عنده ضرب فإنه يستهان به، ولا يكون له قيمة.

وبالفعل قد وقع في بعض الأحوال أن المدرس لما لم يصر له صلاحية الضرب صار للطلاب صلاحية الضرب، وتقع بعض هذه الأمور، فالمسألة تحتاج إلى تقدير حقيقي وواقعي من خلال الأمور التربوية، حتى إن التربويين أنفسهم يقولون: إن الضرب وسيلة تربوية عندما تكون بقدرها.

بل قد ذكر الله عز وجل الضرب في تقويم الزوج لزوجته فقال: {وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء:٣٤] وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (اضربوا ضرباً غير مبرح، ولا تقبحوا، ولا تقربوا الوجه) أو كما قال عليه الصلاة والسلام، وقال عليه الصلاة والسلام: (علقوا السوط في البيت حتى يراه أهل البيت) وهذا أيضاً حديث صح عن النبي عليه الصلاة والسلام كما ذكر بعض أهل العلم من المحدثين، لكن لا يعني ضرب الزوج لزوجته، فقد نهى النبي عن ذلك في وجه آخر فقال: (لا يضربن أحدكم زوجته ضرب الأمة -أو ضرب غرائب الإبل- ثم يأتي من آخر الليل ليجامعها) أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فالمسألة فيها نظر شامل، وليس الضرب بحد ذاته وليس منعه بحد ذاته هو الحل، فهل صلحت أحوال الطلاب وأحبوا العلم ورغبوا فيه وتفانوا فيه وارتفعت مستوياتهم عندما مُنع الضرب؟ الجواب يعرفه كثير من المدرسين! فنسأل الله عز وجل التوفيق والسداد، وأن يبارك في الجهود والأعمال، وأن يصلح أحوال المعلمين والمعلمات والطلاب والطالبات؛ إنه سبحانه وتعالى ولي ذلك والقادر عليه.

وآخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين.

وصل -اللهم- وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.