للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأسباب الداعية إلى النصيحة]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.

أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون! أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله، فإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه، وإن من التقوى النصح للمسلمين كما بايع النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه، ولعلي هنا أقف وقفات سريعة: هل نحن في حاجة إلى النصيحة والتناصح فيما بيننا؟ كلكم سيقول: نعم، وأزيد هذا تأييداً فأقول: عندنا أسباب كثيرة: منها: كثرة وغلبة الجهل الذي عم كثيراً من المسلمين، فلا يكادون يعرفون أحكاماً كثيرة من دينهم، ولا يكادون يقيمون أركاناً وفرائض من شعائر الإسلام، فيحتاجون إلى النصيحة في مثل ذلك.

وأمر آخر: وهو شيوع المخالفات سواء كان ذلك في وقوع الانحراف بالابتداعات، أو كان ذلك في ارتكاب المحرمات، أو كان في الإصرار والتشبث بالعادات رغم ما فيها من المخالفات، وذلك أيضاً نلمحه ونراه.

ويضاف إلى ذلك: ضعف التدين والورع، وقلة الاحتفال والاهتمام بأمر الدين، ولذلك نرى الناس يسألون عن العمل من أمور الدنيا يريدون الإقدام عليه، أو قضية يحتاجون إليها، ولكنهم قل أن يسألوا في أمر من أمور دينهم يحتاجونه، بل يسألون من الناحية الفنية أو الاقتصادية أو العملية، وبعد أن يمضوا في هذا العمل وينتهوا منه أو يقطعوا فيه شوطاً يقولون: هل في هذا محظور شرعي أو فيه حرمة أو فيه شبهة؟! ذلك كثيراً ما يؤخر، وهذا أمره خطير.

ومن الأسباب: هذا الزخم الواسع من الغزو المتنوع في انحراف الفكر وانحلال السلوك عبر الوسائل المختلفة من هذه الفضائيات أو الإذاعات أو الشاشات أو الشبكات أو غير ذلك مما أصبح معه الناس دائماً في تأثر سلبي، يحتاج إلى مقابلة بهذا النصح والتذكير بإذن الله عز وجل.

ومن ذلك أيضاً: الركون إلى الدنيا والغفلة عن الآخرة بسبب ما تيسر من أسباب الحياة وترفها، مما يحتاج دائماً إلى نصيحة تقرع ناقوس الخطر، وتنبه إلى حقيقة الحياة الدنيا وإلى نهايتها وزوالها وإلى ما بعدها.